الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التكييف الشرعي للرافعة المالية

السؤال

أعلم أن هذا الموضوع طُرِح كثيرا، ولكن لم أجد أيَّ شخص يوضحه بشكل تفصيلي؛ لذلك أتمنى فعلا مساعدتي؛ لأن نظرية الرافعة المالية مفهومة خطأ بشكل كبير جدا.
الرافعة المالية تم تحريمها في كل الفتاوى، ولكن لم أجد شخصا يشرح الرافعة المالية بشكل مفصل في مجال الفوركس؛ لكي يتم الحكم فيها بشكل صحيح، وهنا تكمن المشكلة. الرافعة المالية ليست أموالا حقيقة، أو قرضا حقيقيا، إنما هو قرض وهمي 100%، وتم التأكيد على ذلك من جميع المنصات والشركات الخاصة بهذا المجال، بمعنى أنها ليست أموالا إطلاقا، بل مجرد خاصية تتيح المخاطرة بالتداول بأموالك بشكل أكبر، فإن كان رأس مالك هو 100 دولار، فكل ما يمكنك خسارته هو 100 دولار. فهذا يعني أنك لم تقترض شيئا، إنما في حالة المكسب، فإذا ارتفع السهم وحدة واحدة، فسوف تربح دولارا واحد، وإذا انخفض وحدة واحدة فسوف تخسر دولارا واحدا، وفي حالة استخدام الرافعة المالية سوف تربح أو تخسر 10 دولارات، ويستحيل عليك أن تخسر أكثر من رأس مالك 100 دولار. إذًا فأنت تربح وتخسر بناءً على رأس مالك فقط.
وبخصوص المنفعة أو الاستفادة، فنعم المنصة تستفيد إذا قمت بالتداول بمبالغ أكبر. إذا المنصة تنتفع بذلك، وهذا حقيقي، ولكن كيف يكون قرضا جر نفعا، أو ربا عندما لا أقترض أيَّ مال، إنما أتداول بأموالي الفعلية فقط.
وبخصوص الاستفادة من العمولة؛ فهي كاستفادة الصرافات المالية، كلما اشتريت، كلما زادت العمولة، كلما زادت الاستفادة الراجعة على الصرافة، ولكن لا يتم فيها الاقتراض.
فالسؤال هنا: هل حرام استخدام الرافعة المالية في حال عدم وجود أية أموال يتم اقتراضها؟ ولو كان حراما، فكيف يكون ربا، أو قرضا جر نفعا في عدم وجود أيّ نوع من الاقتراض المالي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما وصفه الأخ السائل بكونه مجرد خاصية تتيح المخاطرة بتداول الأموال، إنما يُكيَّف شرعا على أنه قرض، باعتباره مضمونا على المنتفع به، وإلا لما استحق شيئا من ربحه. وبذلك يكون الوسيط في حكم المقرض، فإذا اشترط أن يكون التعامل في هذا المبلغ من خلاله فقط، فقد جر لنفسه بذلك نفعا.

ومع ذلك، فما أشار إليه السائل من كون هذا المال ليس مالا حقيقيا يمكن سحبه والتصرف فيه، فهذا بحد ذاته سببا لفساد المعاملة وحرمتها؛ لأن الوسيط لا يملك أموال الرافعة ملكا حقيقيا مستقرا، وإنما هو مجرد التزام عليه وليس نقدًا حقيقيًّا، فما هي إلا أرقام يقيدها المضاربون بينهم للاستفادة من فروق الأسعار، فحقيقة العقد أن السمسار أقرض العميل ما ليس عنده، والعميل باع ما لا يملك، مع ما سبق من اجتماع الشرط مع القرض، وكل هذه الأمور منهي عنها، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 368797.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني