الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على ورثة مَن وجد مالًا قبل مدة طويلة وجاء صاحبه باحثًا عنه فجحده

السؤال

لديّ أمران بخصوص والدي المتوفى، فقد كان صاحب بقالة، وأفصح قبل موته بشهرين لأحد إخوتي بأنه وجد صُّرَّة مال أمام بقالته فيها 45 دينارًا عام 1965، وقد جاءت بنت كبيرة في العمر تسأله عنها: هل وجدها؟ فلم يعطها لها، علمًا أنها وصفتها وصفًا دقيقًا، وقد تصرّف والدي في المبلغ في تجارته، وقد توفيت البنت، ولا يوجد أحد يرثها، فماذا يجب علينا؟ وإذا أردنا أن نبرئ ذمّة والدي، فكيف ذلك؟ علمًا أنه تم تقدير المبلغ في ذلك الوقت مقابل الذهب بـ 112 غرامًا.
الأمر الثاني: أخت أبي أعطته مبلغ خمسة آلاف دولار؛ ليتصرّف بها، وينفقها على المحتاجين، وأعطته الحرية، وأنفقها والدي علينا، وقال: إننا كنا بحاجة إلى المال، وكنا أنا وإخوتي صغارًا، فهل يجوز ذلك؟ ولم يخبرها على من تصدّق بالمال.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما المال الذي وجده والدكم في الصُّرَّة؛ فقد أذنب بجحده، وكان الواجب عليه تسليمه لتلك البنت حين وصفته؛ لأنه مالها، ونسأل الله أن يغفر له، وذلك الحقّ لا يسقط بموتها، ولا بموت أبيكم.

والواجب عليكم إخراجه من التركة، ودفعه إلى ورثتها، إن وجد لها وارث، وانظر الفتوى: 125710.

وإن تيقنتم أنه لا وارث لها، فتصدّقوا به عنها، ويصرف في مصالح المسلمين، وانظر الفتوى: 460525.

ولا شك أن القوة الشرائية لذلك المبلغ -خمسة وأربعين دينارًا - قبل سبع وخمسين سنة، تختلف عن قوتها اليوم، وقد بينا في فتاوى سابقة أن الأصل في النقود أن تردّ بالمثل، لا بالقيمة، ما دامت العملة مستعملة، إلا إذا انخفضت العملة انخفاضًا فاحشًا.

والمرجّح في فتاوانا حينئذ هو اعتبار قيمة العملة في قضاء الحقوق إذا حدث غبن فاحش، أو انهيار للعملة، يتحقق به ضرر معتبر على صاحب الحق، وهذا الاعتبار يكون بحسب قيمة السلع الأساسية، أو بحسب سعر الذهب، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى: 348040.

فتخرجون من التركة ما يساوي ذلك المبلغ: إما اعتمادًا على قيمة السلع الأساسية -مثل: الحنطة، والشعير، واللحم، والأرز-، كم كان يُشترَى به من هذه السلع الأساسية في ذلك الوقت، وإما تخرجون من التركة ما يساوي جرامات الذهب، كم كان يُشترَى به منها في ذلك الوقت؛ فيعطى ما يساويه الآن، وتتصدّقون به عن صاحبة تلك النقود.

وأما المال الذي دفعته عمّتك لوالدكم من أجل أن يتصدّق به على المحتاجين، فأنفقه عليكم؛ لأنكم كنتم محتاجين على قوله؛ فهذا نرجو أن لا حرج عليه فيه، وانظر الفتوى: 385048، والفتوى: 437458.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني