الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مَن وعد صديقه بالتبرّع بجزء من كبده ورفضت زوجته ذلك بحجة احتياج الأولاد له

السؤال

أنا شاب متزوج، وأب لطفلين، أصيب صديقي بتليف كبديّ حادّ، ويحتاج إجراء عملية لزراعة الكبد، وقد قررت التبرّع له بجزء من كبدي، ووعدته بذلك، لكني تفاجأت أن زوجتي ترفض رفضًا تامًّا؛ بحجة أن أطفالي يحتاجونني، وفي الحقيقة هي خائفة عليَّ، فماذا يجب عليَّ؟ هل أفي بوعدي لصديقي -وهو معلّق عليَّ آمالًا كبيرة- أم أسمع كلام زوجتي؟ وهل آثم من جهة أولادي إن أصابني مكروه؟ وهل لزوجتي حق أن تشارك في القرار الذي اتخذته؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق لنا بيان أن الراجح في مسألة نقل الأعضاء من الأحياء هو الجواز؛ بشرط عدم تضرّر المتبرّع، وأن يكون طالب العضو في حالة اضطرار له، وأن يغلب على الظنّ نجاح عملية الزرع، فراجع في ذلك الفتاوى: 1500، 36345، 11667.

وعليه؛ فإذا كنت تخشى على نفسك من الضرر جراء التبرّع، ورفضت التبرّع لأجل ذلك؛ فلا حرج عليك، ولا تأثم لعدم وفائك لصديقك بالتبرّع.

أما إذا استشرت عددًا من الأطباء الأكفاء الثقات، فأشاروا عليك بالتبرّع بجزء من كبدك، وأنه لا ضرر عليك؛ فتوكّل على الله، وتبرّع لصديقك، فلعلك تكون سببًا في شفائه.

ولو أصابك مكروه جرّاء التبرّع بعد استشارة الأطباء، فلا تأثم من جهة أولادك.

وليس من حقوق الزوجة على الزوج استشارتها في مثل هذه الأمور، ولكن الأولى استشارتها، ومناقشتها في هذا الأمر؛ فإنه بذلك يطيب خاطرها، وتقوى به العِشرة، ويكتسب به مودّتها، ثم إنها قد تشير عليك بما هو أنفع وأصلح، كما فعلت أم سلمة -رضي الله عنها- حين استشارها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى: 27912.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني