الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علّق طلاق زوجته على رجوعها للبيت ولم تفعل، ثم طلّقها طلقتين متباعدتين وتريد العودة

السؤال

خرجت زوجتي غاضبة من البيت، فقلت لها: "أنت طالق إذا لم تعودي اليوم"، ولم تعُد، فأخذت فتوى، وأرجعتها في اليوم التالي، وبعد سنين تشاجرنا، فطلّقتها بعد أن تطاولت بالكلام، وأرجعتها بعد شهر، ثم طلبت هي الطلاق، فطلّقتها منذ سنة، وتريد الآن الرجوع، فهل يجوز؟ علمًا أنها رجعت قبل اكتمال العدّة بعد الطلقتين الأولى والثانية. وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

إننا ننبه أولا إلى أن السؤلا عن مثل هذه القضايا يكون بمشافهة أهل العلم، لما يتطرقه من احتمالات، يحتاج من يفتي فيها إلى الاستيضاح من السائل، ومن ذلك مثلا أنك لم تذكر لنا حقيقة الفتوى التي ذُكِرت لك فيما يتعلّق بالمرّة الأولى، لذلك ينبغي لكم الرجوع أهل العلم في بلدكم ومشافهتهم بالسؤال، لعل ذلك يكون أولى بإصابة الحكم الدقيق.

وعلى سبيل العموم نقول: إنما تلفّظتَ به في تلك المرّة، يعتبر من جنس الطلاق المعلّق:

فإن كنتَ قد قصدت الطلاق؛ فيقع الطلاق بعد حصول المعلّق عليه باتّفاق الفقهاء.

وإن كنتَ قد قصدت مجرد التهديد؛ ففي حكم الطلاق في هذه الحالة خلاف بين أهل العلم، والجمهور يرون وقوع الطلاق، واختار ابن تيمية عدم وقوعه.

فإن أفتاك المفتي بقول الجمهور؛ فالطلقة الأولى واقعة، وإن أفتاك بقول ابن تيمية؛ فالطلاق غير واقع، وراجع الفتوى: 19162.

وبالنسبة للمرتين الأخيرتين؛ فإن الطلاق واقع فيهما؛ فهما طلقتان.

ويبقى أمر الطلقة الأولى على الاحتمالين اللذين ذكرناهما:

فإن كانت واقعة؛ فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى؛ فلا تحلّ لك حتى تنكح زوجًا غيرك، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويدخل بها، ثم يفارقها، قال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ {البقرة:230}.

وإن كانت الطلقة الأولى غير واقعة، جاز لك إرجاع زوجتك، ولكن بعقد جديد؛ لانتهاء عدّتها.

وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: أن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها، إلا لعذر شرعيّ، ومجرد خلافها مع زوجها، أو غضبها لا يسوّغ لها الخروج، وتراجع الفتوى: 136039.

وينبغي للزوجين أن يتحرّيا الحكمة في علاج ما قد يحصل بينهما من مشاكل.

الأمر الثاني: أن طلب المرأة الطلاق لا يمنع وقوعه إذا أوقعه الزوج.

ويحرم على المرأة أن تطلب الطلاق لغير مسوّغ شرعيّ؛ لورود النهي عن ذلك في السُّنة، وقد بيناه في الفتوى: 37112.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني