الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الأخت بسبب خروجها المتكرر للتسوّق

السؤال

خاصمت أختي منذ عام تقريبًا، وهي تدرس في الجامعة، أي تأتي للبيت قليلًا، وكانت تُكلّف -لكونها أكبر مني- بالقيام بأمور يجب على الرجل القيام بها -كالتسوّق، وغيره-؛ لذلك كبرت على طريقة التفكير تلك.
ولكونها فتاة فإنها ستقابل في الشارع بعض قليلي الأدب، وهي مثابرة في الدراسة، ولا تهتمّ بمثل هذه الأمور، وكان هناك من يتتبعها؛ فتوجب عليّ -بصفتي أخًا لها- أن أمنعها من الخروج، لكنها كانت رافضة للفكرة، وأنا مخاصم لها منذ ذلك الحين، وأريد الصلح، لكني لا أريد أن أكون المبادِر؛ لكيلا تظنّ أنها ليست مخطئة، وتتمادى، فهل أنا آثم؟ وماذا عليّ أن أصنع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نهى الشرع عن التدابر والهجران بين المسلمين، وكلما طال الهجر، كان الإثم أشد، فعن أبي خراش السلمي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من هجر أخاه سنة؛ فهو كسفك دمه. رواه البخاري في الأدب المفرد.

كما أن الهجران والتشاحن سبب في تأخير الغفران، وقبول الأعمال، فعن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم.

وإذا كان التدابر والهجران بين الإخوة من النسب؛ كان ذلك أشد؛ فإن قطع الرحم من الكبائر.

وعلى فرض وقوع ذي الرحم في المعاصي والمنكرات؛ فلا يجوز قطعه، إلا إذا تعيّن القطع طريقًا لردّه عن المنكرات، وراجع الفتوى: 258862.

وعليه؛ فلا يجوز لك قطع أختك، والواجب عليك صلتها، وأمرها بالمعروف، ونهيها عن المنكر، من غير مشاحنة، ولا قطيعة.

مع التنبيه إلى أنّ خروجها لحاجة التسوّق أو غيرها؛ ليس منكرًا، إن كانت تخرج ساترة بدنها، غير متعرّضة لفتنة.

ونخشى أن يكون قولك: إنّ هناك من يتتبعها عند خروجها مجرد وهم أو وسوسة.

وعلى أية حال؛ فإن عليك تنبيهها لهذه الأمور، وبإمكانك أن تصحبها في خروجها؛ حتى لا يتعرّض لها أحد بسوء.

واحرص على استعمال الرفق، والحلم؛ فإنهما من الأخلاق التي يحبّها الله ولا سيما فيمن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : ..جاء في الأثر عن بعض السلف، ورووه مرفوعًا، ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: "لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهًا فيما يأمر به، فقيهًا فيما ينهى عنه، رفيقًا فيما يأمر به، رفيقًا فيما ينهى عنه؛ حليمًا فيما يأمر به، حليمًا فيما ينهى عنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني