الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إطلاق اسم المُشَرِّعُ على شخص، وهل يجب تغييره؟

السؤال

اسم جدنا الأكبر هو المشرع، أو مشرع الدين، أي مثل: نور الدين، أو شمس الدين، وغيرها. والناس عندما ينادوني يقولون يا مشرع، أو عند الإجابة على سؤال يختارون ويقولون: المشرع. أي: يسموني مثل جدنا -المشرع-.
علما بأن بطاقاتنا الشخصية والجوازات وغيرها من الوثائق مسجل فيها مثلا: (صالح محمد علي المشرع). أي: لقب المشرع موجود فيها.
فهل هذا يصلح أو لا؟ وإن كان لا يصلح، فهل يجب تغيير الوثائق مع الصعوبة الكبيرة، وإخبار الناس بأن لا ينادونا بالمشرع؟ وهل المشرع من أسماء الله التي يختص بها؟
أفتونا، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن الله تعالى هو الذي شرع لعباده ما شرع، ولكن ليس من أسماء الله تعالى المُشَرِّعُ، ولم يرد تسميته به في الكتاب، ولا في السنة فيما نعلم.

وقد جاء في كتب أهل العلم إسناد التشريع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإطلاق اسم المُشَرِّعُ عليه؛ لأنه المبلغ عن الله تعالى، والمبين للشريعة.

جاء في عمدة القارئ لبدر الدين العيني: إِن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ: أمرت، مَعْنَاهُ: أَمرنِي رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-، من حَيْثُ إِنَّه هُوَ الْآمِر بَينهم وَهُوَ المُشَرِّعُ... إلخ.

ومثله قول ابن دقيق العيد في شرح الأربعين النووية: ما سنه النبي، أي شرعه من الأحكام، فرضًا أو نفلًا، إذ هو المُشَرِّعُ -صلى الله عليه وسلم-. اهـ

وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري: وهو المُشَرِّعُ لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره. اهــ.

وقال الزبيدي أيضا في تاج العروس: ويطلق عليه -صلى الله عليه وسلم- لذلك، وقيل: لأنه شرع الدين أي أظهره وبينه. اهـ.

وللشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله تعالى- في كتابه "معجم المناهي اللفظية" مبحث حول كلمة" المشرع" خلص فيه إلى أنه لا يطلق على بشر لفظ مشرع، كما بيناه في الفتوى: 137535.

ولو فرضنا أنه لا يطلق على أحد اسم "مشرع"، فإننا نرى أنه لا يجب عليكم تغيير هذا الاسم الذي اشتهر به جدكم، لا سيما مع الصعوبة التي ذكرتها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يغير أسماء أجداد الناس التي اشتهروا بها في زمنه، وإن كانت مما يحرم التسمية بها ابتداء، فقد كان ينادي "يا بني عبد مناف" كما في حديث: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ, لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ، وغيره من الأحاديث.

ومناف اسم صنم، قال ملا القاري في مرقاة المفاتيح: نَادَى: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ" هُوَ أَخُو هَاشِمٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَمَنَافٌ صَنَمٌ. اهــ.

وفي عمدة القارئ لبدر الدين العيني الحنفي: عَبْدِ مَنافٍ، اسْمه الْمُغيرَة، كنيته أَبُو عبد شمس، وَكَانَ يُقَال لَهُ: قمر الْبَطْحَاء لجماله، وَإِنَّمَا لقبته بِهِ أمه ... وَذَلِكَ لِأَنَّهَا أخدمته منَاف، وَكَانَ صنماً عَظِيما لَهُم. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني