الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترغيب في إزالة أسباب القطيعة والهجر

السؤال

أخي الصغير لا يحترمني، و دائم اختلاق المشاكل معي أنا وزوجتي. مع العلم أنه متزوج، وقد ساعدته كثيرا أنا وزوجتي في أمور مادية، وخلافه، وسبق لي أن بادرته بالصلح مرتين. كانت العلاقة بيننا في الفترة الأخيرة جيدة، ولكن بسبب مشكلة افتعلتها زوجته بشهادة والدتي أصبح لا يحدثني ولا يحدث زوجتي، وهو معترف أنه لا توجد ضغينة، أو مشاكل معه من طرفي، أو من طرف زوجتي، ولكنه لا يحدثني مراعاة لزوجته. مع العلم أنه لا يوجد في نفسي شيء سيئ ناحيته، ولم تستطع والدتي إقناعه بغلط زوجته. فهل عليَّ وزر؟
زوجته دائمة اختلاق المشاكل معنا، وتعاملنا بعدم احترام، وأنا لن أستطيع التعامل معها، أو أن أعتذر لها، كما يريد أخي أن أفعل أنا وزوجتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التدابر والقطيعة بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.

فإن كان ذلك بين عموم المسلمين، فأحرى أن يكون بين الإخوة، فصلتهم واجبة، وقطعهم حرام.

وإذا كنت غير قاطع لأخيك؛ ولكنّه يقطعك؛ فلست آثما، وانظر الفتوى: 379528.

لكن ينبغي عليك السعي في صلة أخيك، وإزالة أسباب القطيعة بينكما قدر وسعك، والحرص على الإحسان إليه وإن قطعك.

فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ، وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. تسفهم المل: لأي تطعمهم الرماد الحار.

واعلم أنّ العفو عن المسيء خلق كريم يحبه الله، وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}.

كما أن العفو يزيد صاحبه عزًّا وكرامة، قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني