الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من التقط خاتما من مدة طويلة ولم يُعرِّفه وباعه

السؤال

منذ 20 عاما وجدت خاتما لطفل صغير، أمام بوابة المبنى السكني الذي أقطن فيه، فأخذته جهلا مني بحكم اللقطة، وكنت أعتقد أن من وجد شيئا فمن حقه الاحتفاظ به، أو التصرف فيه، وبعدها بحوالي 15 يوما، وأنا أنزل على الدرج سمعت بالصدفة إحدى جاراتنا تتحدث مع أختها عن شيء ضائع منها، وتسألها: هل وجدته أم لا؟ وحينها لم أهتم لما سمعت، واحتفظت بالخاتم ـ أو بالمبلغ بعد التصرف فيه، لأنني لا أتذكر ذلك حاليا ـ وبعد هذه المدة أدركت بأن ما فعلته ليس صوابا، فما الذي يجب عمله الآن، علما بأنني انتقلت من هذا المنزل منذ فترة طويلة، وأصبحت العلاقات مع جيراننا ضعيفة؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد كان الصواب ألا تتصرف في الخاتم الذي وجدته، وكان عليك تعريفه سنة؛ وقد اختلف أهل العلم في تعريف اللقطة بعد انقضاء سنة على الالتقاط، أو أكثر، والراجح عندنا؛ أنّه إذا غلب على الظن اليأس من الوصول إلى صاحبها لطول المدة؛ فلا يجب التعريف، فإن أمكنك سؤال الجيران، وخاصة الجارة التي سمعتها تسأل عن شيء ضاع منها؛ فاسألهم؛ وإذا عرفت صاحب الخاتم؛ ورضي بما حصل منك من البيع؛ فعليك أن تدفع له الثمن الذي بعته به، وأمّا إذا لم يرض بالبيع، ولم يكن ممكنا ردّ الخاتم؛ فلصاحبه قيمته.

جاء في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: وأما لو تعدى عليها الملتقط بالبيع: ففيه تفصيل في بيعها بعد السنة، فليس لربها إلا الثمن، وقبل السنة يخير ربها بين إمضاء البيع، وأخذ الثمن، ورده، وأخذها إن كانت قائمة، أو قيمتها إن فاتت. انتهى.

وأمّا إن كان متعذرا سؤال الجيران، وغلب على ظنك عدم الوصول إلى صاحب الخاتم؛ فلا حاجة للتعريف، وعليك التوبة إلى الله تعالى، وأن تتصدق بقيمة الخاتم مع ضمانه لصاحبه إن ظهر.

قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، لَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ فِيمَا عَدَا الْحَوْلَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُوجَدْ, وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا، أَوْ يَحْبِسَهَا عِنْدَهُ أَبَدًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. انتهى.
قال المرداوي - رحمه الله - في الإنصاف: الصحيح من المذهب جواز التصدق باللقطة التي لا تملك بالتعريف. انتهى.

والمقصود بالقيمة: الثمن المعتاد عند عامة الناس دون زيادة، أو نقصان، بخلاف الثمن الذي وقع به البيع؛ فقد يكون أقل من القيمة، أو أكثر، على خلاف بين أهل العلم في اليوم المعتبر لتعيين القيمة.

قال ابن مفلح في الفروع: وَيَضْمَنُ قِيمَةَ اللُّقَطَةِ يوم عَرَفَ رَبَّهَا، وَقِيلَ يوم تَصَرُّفِهِ، وَقِيلَ يوم غَرِمَ بَدَلَهَا. انتهى.

وهذا الأخير هو الأحوط، فينظر السائل في قيمة الختام يوم التصدق فيخرجها، وراجع للفائدة الفتوى: 351502.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني