الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتفاع بالمال المكتسب من حرام قبل وبعد العلم بحرمته

السؤال

أنا أعمل كمبرمج في شركة أجنبية في أوروبا، ومن ضمن زبائن هذه الشركة شركة خمور، وفي بعض الأحيان أكتب برامج لهذه الشركة. البرامج تستخدم في موقع مخصص لمستوردي الخمور -على حد علمي، لا يستخدم الموقع لبيع الخمور مباشرة، ولكنه يستخدم للفوز بهدايا لمالكي المحلات المروجة لها- لم أكن أعلم هذا حينما وقعت العقد مع الشركة، ولكن عرفته بعد شهرين من بدء العمل.
فما حكم العمل الذي أقوم به؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك إكمال العمل الخاص بشركة الخمور بعد علمك بحقيقة الحال؛ إن أمكنك ترك ذلك العمل وفسخ العقد، والامتناع من إكماله؛ لما في بقائك فيه من الإعانة على الإثم، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان. ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها وآكل ثمنها. وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.

وأما ما سبق أن أخذته من الأجرة قبل العلم بحال الشركة، فيجوز لك الانتفاع به، بخلاف ما ستأخذه بعد العلم لو بقيت فيها.

قال شيخ الإسلام -كما في الفتاوى الكبرى-: من كسب مالاً حرامًا برضاء الدافع ثم تاب -كثمن خمر، ومهر البغي، وحلوان الكاهن- فالذي يتلخص: أن القابض إذا لم يعلم التحريم ثم علم، جاز له أكله، وإن علم التحريم ـ أولاً ـ ثم تاب: فإنه يتصدق به، كما نص عليه أحمد في حامل الخمر. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني