الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته مرة بعد مرة ثم غضب وقال لها: أنت طالق بالثلاث

السؤال

وقعت مشكلة كبيرة بيني وبين زوجي، ووالدتي كانت موجودة. ووسط الخصام قال زوجي لوالدتي: بنتك طالق.
وذهب، وبعد ساعتين رجع، وتشاجرنا مرة أخرى، وقال لي: أنت طالق.
وفي اليوم التالي، في جلسة صلح غضب، وبدأ بالشجار ورفع صوته، وقال لي: أنت طالق بالثلاث.
فهل بهذا أكون قد طُلقت؟
وكم طلقة تحسب، في حالة وقوع الطلاق؟
وكيف أرجع زوجة له؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال ما ذكرت، فقد وقعت ثلاث طلقات، وبِنْتِ من زوجك بَيْنونة كبرى، فلا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره نكاح رغبة، ويدخل بك، قال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230}.

وما ذكرناه من وقوع الطلقات الثلاث، إنما هو على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: وطلاق السنة المباح: إما أن يطلقها طلقة واحدة، ويدعها حتى تنقضي العدة؛ فتبين. أو يراجعها في العدة.

فإن طلقها ثلاثًا، أو طلقها الثانية، أو الثالثة في ذلك الطهر، فهذا حرام، وفاعله مبتدع عند أكثر العلماء كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه.

وكذلك إذا طلقها الثانية والثالثة قبل الرجعة، أو العقد عند مالك وأحمد في ظاهر مذهبه وغيرهما.

ولكن هل يلزمه واحدة، أو ثلاث؟ فيه قولان: قيل: يلزمه الثلاث، وهو مذهب الشافعي، والمعروف من مذهب الثلاثة.

وقيل: لا يلزمه إلا طلقة واحدة، وهو قول كثير من السلف والخلف، وقول طائفة من أصحاب مالك وأبي حنيفة، وهذا القول أظهر. انتهى.

ومنه يتبين أن الطلاق بلفظ الثلاث -وهو ما وقع في الحالة الثالثة- من الطلاق المحرم أيضا، والخلاف فيه كالخلاف في الحالتين السابقتين، وراجعي للمزيد الفتوى: 5584.

وننصح بأن يراجع زوجك الجهة المختصة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية.

وننبه إلى أن الحياة الزوجية ينبغي أن تقوم على الاحترام، وحسن المعاشرة والإكرام؛ لتتحقق المقاصد الشرعية للزواج، ومن أهمها الاستقرار الأسري، وتنشئة الأولاد في بيئة صالحة ومعافاة، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

وينبغي الاجتهاد في الحذر من كل ما يجعل للشيطان مدخلا بين الزوجين، فينشر الفتنة ويثير البغضاء. ويحدث الفراق، وتتشتت الأسرة، ويضيع الأولاد.

روى الإمام مسلم في صحيحه عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه. فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته - قال - فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني