الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا وإخوتي شركاء، نقوم بإنتاج منتج وبيعه، رصيدنا لا يصل إلى النصاب، ولكن عندنا فائض إنتاج كبير، فإنتاجنا أكبر من مبيعاتنا.
فكيف أحسب الزكاة في هذا المخزون، مع العلم أني لا أستطيع معرفة عدد السلع التي حال عليها الحول بالتحديد؛ لأن كل إنتاج جديد يوضع على القديم، وعندنا إنتاج يومي.
معلومات إضافية: المنتج عبارة عن كتب أطفال، قماش. ونحن ثلاثة إخوة، والشراكة ليست بالتساوي، منا من دخل بالمال والمجهود، ومنا المشارك بالمجهود فقط.
أرجو إفادتي بطريقة حساب الزكاة عن هذه السلع؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا يتلخص فيما يلي:

1) فأما المشارك منكم بالمجهود لا بمال، فإنه عامل، ويزكي نصيبه من الربح إذا بلغ نصابا بنفسه، أو بغيره من مال العامل، إذا حال عليه حول هجري من يوم قبضه.

قال ابن قدامة في المغني: وَأَمَّا الْعَامِلُ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي حِصَّتِهِ حَتَّى يَقْتَسِمَا، وَيَسْتَأْنِف حَوْلًا مِنْ حِينَئِذٍ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.... وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَسَبُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ ظُهُورِ الرِّبْحِ، يَعْنِي إذَا كَمَّلَ نِصَابًا... قَالَ: وَلَا يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمَالَ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ الرِّبْحَ بِظُهُورِهِ. اهـ.

2) البضاعة المنتجة تعتبر من عروض التجارة، ولكن كل واحد من الشركاء يزكي نصيبه هو دون صاحبه، بشرط أن يبلغ نصيبه منها نصابا من ذهب أو فضة -بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو ذهب أو فضة، أو عروض تجارة أخرى- ويخرج ربع العشر، أي 2.5 %.

3) كيفية زكاة تلك البضاعة أن تُقَوِّمُوا كُلًّا من المواد الخام التي تشترونها لإنتاج تلك البضاعة إن وجد منها شيء، وتُقَوِّمُوا ما يوجد من البضاعة المنتجة نفسها مما لم يبع منها، فمن بلغ نصيبه منهما نصابا أخرج ربع العشر.

ولمزيد من الفائدة، انظري الفتوى:386050.

4) الحول المعتبر لإخراج الزكاة هو حول المال الذي اشتريت به البضاعة؛ لأن عروض التجارة حولها حول المال الذي اشتريت به.

قال ابن قدامة في المغني: وَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ، بِنِصَابٍ مِنْ الْأَثْمَانِ، أَوْ بِمَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، بَنَى حَوْلَ الثَّانِي عَلَى الْحَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِقِيمَتِهِ، وَقِيمَتُهُ هِيَ: الْأَثْمَانُ نَفْسُهَا. اهــ.

فكونكم لا تعرفون حول بعض البضاعة المنتجة، هذا لا أثر له؛ لأن حولها وحول المواد الخام حول واحد، وهو حول أصل المال، فلا فرق بين حول البضاعة الجديدة والبضاعة القديمة.

5) تخرجون الزكاة عن البضاعة والمواد الخام كل عام، سواء ما بيع من البضاعة، وما بقي منها، على الراجح من قول جمهور الفقهاء.

ويرى المالكية أن المحتكر -وهو من كان يشتري السلعة، ويتربص بها رجاء ارتفاع السعر- لا يزكي إلا أن يبيعها، أو يبيع بعضها.

فإذا باعها أو باع البعض زكى الجميع بعد تمام الحول. أما إذا لم يبعها، أو لم يبع منها شيئًا، فلا زكاة فيها، ولو مكثت أكثر من حول.

فالمالكية يفرقون بين التاجر المدير -وهو من يبيع بالسعر الحالي كأرباب الحوانيت-، وبين المحتكر، وهو من يرصد بعرض التجارة السوق لترتفع الأثمان.

فالأول عندهم يزكي كل حول، والثاني لا يزكي إلا بالتنضيض: أي تحول السلعة إلى نقد، ولو بقيت عنده سنين، وكذلك إذا باع البعض منها كما تقدم.

6) لا زكاة على الشركاء في المعدات والآلات، وكل ما يستخدم في الإنتاج كالسيارات ونحوها مما لا يعد للبيع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني