الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتقال من صلاة جماعة إلى غيرها دون قطع الصلاة

السؤال

دخل شخص الصلاة مع جماعة في آخرها، فأقيمت جماعة جديدة. فهل يجوز له نقل نية الاقتداء من الجماعة الأولى إلى الجماعة الثانية، دون قطع الصلاة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن أدرك الجماعة في جزء من صلاتها قبل التسليم؛ فقد أدرك خيرا كثيرا، وليدخل مع الإمام كيفما كان عمله، ولو في جلسة التسليم.

وكثير من أهل العلم يرون أنه يدرك فضل الجماعة بذلك، وفق ما بيناه في الفتوى: 24228.

وأما انتقال المأموم الذي أدرك بعض الصلاة -ولو جلسة التسليم فقط- إلى جماعة أخرى دون إعادة تكبيرة الإحرام، فلا حرج فيه. وصلاته صحيحة فيما ذهب إليه بعض أهل العلم.

قال ابن قدامة في المغني: ومن أجازَ الاسْتِخْلافَ، ‌فقد ‌أجازَ ‌نَقْلَ ‌الجماعةِ ‌إلى ‌جماعةٍ ‌أُخْرَى، لِلْعُذْرِ. ويَشْهَدُ لذلك أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- جاء وأبو بكرٍ في الصَّلاةِ، فَتَأَخَّرَ أبو بكرٍ. وتَقَدَّمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فأَتَمَّ بهم الصَّلاةَ. وفَعَلَ هذا مَرَّة أُخْرَى، جاء حتى جَلَسَ إلى جانِبِ أبي بكرٍ عن يَسَارٍه، وأبو بكرٍ عن يَمِينِه قائِمٌ، يأْتَمُّ بالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ويأْتَمُّ الناسُ بأبِي بَكْرٍ. وكلا الحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ [مُتَّفَقٌ عليهما] وهذا يُقَوِّى جَوَازَ الاسْتِخْلَافِ، والانْتِقَالِ من جماعةٍ إلى جماعةٍ أُخْرَى حالَ العُذْرِ. انتهى.

وقال النووي في المجموع: قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: ‌إذَا ‌افْتَتَحَ ‌جَمَاعَةً، ‌ثُمَّ ‌نَقَلَهَا ‌إلَى ‌جَمَاعَةٍ ‌أُخْرَى بِأَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ جنب، أو محدث لم يعلم حاله. ثُمَّ عَلِمَ الْإِمَامُ فَخَرَجَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ، فَأَلْحَقَ الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ ثَانِيًا. أَوْ جَاءَ آخَرُ فَأَلْحَق الْمَأْمُومُ صَلَاتَهُ بِصَلَاتِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِحَدَثِ الْأَوَّلِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَتَكُونُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ انْعَقَدَتْ جَمَاعَةً، ثُمَّ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جَمَاعَةً.

وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا، وَكَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ وَاسْتَخْلَفَ. وَجَوَّزْنَا الِاسْتِخْلَافَ، فَإِنَّ الْمَأْمُومِينَ نَقَلُوا صَلَاتَهُمْ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى جَمَاعَةٍ. هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَآخَرُونَ نَحْوَهُ. انتهى.

وعلى كل؛ فالصلاة صحيحة عند بعض أهل العلم، والاحتياط إعادتها، وعدم فعل ذلك فيما يستقبل، ويكمل المرء صلاته منفردا، أو يسلم ويدخل مع الجماعة الأخرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني