الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحيض غير المنتظم أثناء الرضاعة

السؤال

عادتي الشهرية مضطربة بسبب الرضاعة. فهل يجوز لي الأخذ بإحدى فتاوى الأئمة الأربعة في مدة أكثر الحيض؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمرأة المرضع قلَّما تحيض، وتختلف النساء في ذلك، لكن في حالة نزول الدم عليها، فإنه يحمل على كونه حيضا، فإنك لم تذكري لنا مدة نزوله، فقط ذكرت أنها مضطربة، دون ذكر التفاصيل، وهل استمر نزوله لمدة يوم وليلة فأكثر، أو أقل من يوم وليلة؟ فإن كان أقل من يوم وليلة، فإنه ليس بدم حيض؛ لأن أقل الحيض يوم وليلة، وإذا استمر نزوله أكثر من يوم وليلة، فإنه حيض، فإذا تجاوز دم الحيض عادة المرأة، فإنها تأخذ حكم الحائض، ما لم يتجاوز حيضها خمسة عشر يوماً، فإن تجاوزها أخذت حكم المستحاضة، فتغتسل، وتصلي، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة، فإذا تكرر ذلك بعد ذلك، جلست عادتها إن كانت لها عادة، وتحسب الباقي استحاضة، فإن لم تكن لها عادة، عملت بالتمييز، فإن لم تكن لها عادة ولا تمييز، عملت بغالب عادة نساء أهلها، وانظري الفتوى: 4109. لمعرفة أحكام المستحاضة، والفتوى: 292156. لمعرفة معنى العمل بالتمييز لمن تختلف عليها عادتها الشهرية.

ومذهب العامِّي مذهب من يفتيه، ولا يلزمه الالتزام بمذهب معين، لكن لا يجوز له أن يتتبع رخص المذاهب، وسقطات أهل العلم، حيث عد بعض أهل العلم -منهم أبو إسحاق المروزي، وابن القيم- من يفعل ذلك فاسقًا، وقد خطَّأ العلماء من يسلك هذا الطريق، وهو: تتبع الرخص والسقطات؛ لأن الراجح في نظر المفتي هو ظنه حكم الله تعالى، فتركه، والأخذ بغيره لمجرد اليسر والسهولة؛ استهانة بالدين.
والسائل أو المستفتي يسأل من يثق في علمه وورعه، وإن اختلف عليه جوابان؛ فإنه ليس مخيَّرًا بين أيهما شاء، بل عليه العمل بنوع من الترجيح، من حيث علم المفتي وورعه وتقواه.

قال الشاطبي رحمه الله: لا يتخير، لأن في التخير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء، لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات، والهوى في الاختيار؛ ولأن مبنى الشريعة على قول واحد، وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياسا على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعا، وترجيحه يكون كما تقدم، وذهب بعضهم إلى أن الترجيح يكون بالأشد احتياطًا.

مع علم المستفتي أنه لا تعذره فتوى المفتي من الله، إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي بذلك، لحديث أم سلمة -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني