الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تدوير المال للفرار من إخراج الزكاة

السؤال

هنالك أغنياء يمتلكون الكثير من الممتلكات مثال: فندق خمس نجوم، معمل لإنتاج الحليب ومشتقاته، قصور، وبيوت، ومعمل لإنتاج العصائر.
حيث إن هؤلاء الأغنياء يقومون بتدوير الأموال التي يربحونها من المعامل والممتلكات.
أي يقوم بجمع الأرباح التي يجمعها من المعمل لإنتاج الحليب، ولكي لا يدور عليه الحول يقوم بإنشاء معمل آخر، أو فتح محل تجاري، وبذلك يزداد عدد الممتلكات التجارية، وتزداد الأرباح حيث لايدفعون الزكاة، وذلك لأنهم يقولون: بأنه قبل أن يحول الحول على الأموال (الأرباح من المصانع) يقومون بفتح مشاريع أخرى.
إن الكثير من الأغنياء، واستنادا لهذا المبدأ لايدفعون ولايخرجون الزكاة من أموالهم التي ربحوها.
السؤال:هل يجوز هذا الفعل أم لا؟ هل يجوزأن يقوم الأغنياء بتدوير الأموال التي يربحونها بإنشاء صفقات تجارية أخرى قبل أن يحول الحول على الأموال، وتعتبر مشمولة بالزكاة؟ أم عليهم استخراج مبلغ الزكاة من الأموال التي ربحوها من المصانع والممتلكات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تحريك الأموال بالصورة التي ذكر السائل لا حرج فيه، لكن هل يترتب عليه سقوط الزكاة عن من يمارسه من التجار أم لا يسقط؟

والجواب: أن ما كان غير مُعَدٍّ للبيع كالفنادق ونحوها لا تجب في أصله الزكاة، وانظر الفتوى: 136400.

وأما معامل إنتاج الحليب والعصائر؛ فما فيها من المواد الخام، والحليب، والعصائر فهو من عروض التجارة. وراجع الفتوى: 75401.

وكذا المحال التجارية؛ فإن ما فيها من البضائع هو من عروض التجارة، وعروض التجارة تجب فيها الزكاة، وحولها هو حول الأصل الذي اشتريت به، فمن كان عنده مال، ثم اشترى به قبل حولان الحول عرضا للتجارة، فإن زكاته واجبة من حين ملك هذا المال، ولا ينقطع الحول بشراء ذلك العرض، وانظر الفتوى: 352996.

وعليه؛ ففي كثير من الصور المشار إليها في السؤال، فإن الحول لا ينقطع، وتجب الزكاة.

وأما إذا اشترى قبل حولان الحول عرضا للقنية ليفر من الزكاة؛ كأن اشترى بيوتا ليؤجرها، أو غير ذلك؛ فإن الزكاة لا تسقط عنه على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن المحتال يعاقب بنقيض قصده، فتجب عليه زكاة هذا المال الذي باعه فرارًا من الزكاة.

قال البهوتي في شرح الإقناع: وَمَتَى قَصَدَ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَقَدَّمَ كَإِتْلَافٍ (الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْحَوْلِ حَرُمَ وَلَمْ تَسْقُط) الزَّكَاةُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: 17]- الْآيَاتِ فَعَاقَبَهُمْ اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، لِفِرَارِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ كَالْمُطَلِّقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَقَوْله: بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْحَوْلِ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَفِي الْمُقْنِعِ: عِنْد قُرْبِ وُجُوبِهَا وَفِي الرِّعَايَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ وَقِيلَ: أَوْ بِشَهْرَيْنِ، لَا أَزْيَد قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْهَا لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني