الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب تجاه زوج الأخت إن صدر منه مكفر قولي أو عملي

السؤال

زوج أختي يكفر كثيرا، وكأنه اعتبره لغوا -والعياذ بالله-. وعندما تمعنت في عائلته وجدتها كلها على هذا النحو من الكفر، وشتم بعضهم بعضا، وعندما يكفر أشعر بذنب كبير، لأنني لا أستطيع أن أرده عن هذا الشيء، علما أنه أكبر مني بسبعة عشر عاما، وعندما أتحدث مع أختي بشأنه، تجيبني أنها نصحته كثيرا، وهو على هذا الحال منذ فترة بعيدة، ولكنه يعود بعد مدة إلى ما كان عليه، وربما أكثر.
مع العلم أنه يعرف حكم الكفر، ومتنبه له، وأختي كذلك. فهل عقده باطل؟ ونحن مقيمون في بلاد أجنبية، فلا يمكن التفريق بينهما عند القاضي. فماذا عليّ أن أفعل؟ علما أنني أخبرت أهلي وقالوا لي: (الله يهديه) فقط دون أن يكلموه.
ماذا يجب عليّ أنا شخصيًّا أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم تذكر لنا حقيقة ما يصدر عن هذا الشخص من تصرفات قولية، أو فعلية قد تؤدي به للكفر، والخروج من الملة، وقد يعتقد بعض الناس أن تصرفات معينة مكفرة لصاحبها، ولا يكون الأمر كذلك. ومن الكلمات المشهورة عند العلماء قولهم : " ليس كل من وقع على الكفر وقع الكفر عليه" فحتى يحكم على شخص بالكفر لا بد من توفر شروط وانتفاء موانع، وهذا موكول إلى أهل العلم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع.

ويقول: ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.
وعلى كل حال؛ إذا صدر من زوج أختك ما يخرج صاحبه عن الإسلام، مثل أن يسب الرب، أو الرسول، أو الدين، فالواجب نصحه بأسلوب حسن، وتذكيره بالله. والأولى أن يقوم بذلك من له عنده وجاهة من الناس، ويرجى أن يسمع لقوله، فإن تاب، ورجع إلى رشده، واستجاب؛ فالحمد لله، وإلا فلترفع أختك الأمر إلى المراكز الإسلامية، فإنها تقوم مقام المحاكم الشرعية.

وبذل النصيحة، وإنكار المنكر مأمور به شرعا، وهو فرض عين في قول بعض العلماء، وكفائي في قول البعض الآخر، كما بيَّناه في الفتوى: 180067، وقد ضمناها كلام النووي أنه يتعين في حق من كان في مكان لا يوجد فيه غيره.

ولا يجوز للمسلم ترك القيام بهذا الواجب لمجرد الضعف، والخور، وتهويل الشيطان، وإن كان هنالك عذر حقيقي يمنعه، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: والنصيحة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، والنصيحة لازمة على قدر الطاقة، إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، وأما إن خشى الأذى فهو في سعة منها. انتهى.

ويبقى الإنكار بالقلب فرضا على كل حال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني