الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الصلاة متعللا بأن الله تعالى لم يهده

السؤال

أحد الزملاء لا يصلي وعندما طلبنا منه أن يصلي قال عندما يهديني الله سأصلي وعندما تناقشت معه في موضوع الهدايةاستدل بالاية(من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياًمرشدا)والآيه (إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشــاء)إذن ماذا أقول في هذه الحالة هل الإنسان مسير أم مخير في العبادات وكيف نفسر هذه الآيات السابقة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الهداية هدايتان، وقد سبق تفصيل أمرهما في الفتوى رقم: 16759، والفتوى رقم: 30758، وما احتج به زميلك لا يعتبر عذراً مقبولاً، بل هو حجة داحضة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: ولهذا كل ما في الوجود واقع بمشيئة الله وقدره كما تقع سائر الأعمال، لكن لا عذر لأحد بالقدر، بل القدر يؤمن به، وليس لأحد أن يحتج على الله بالقدر، بل لله الحجة البالغة، ومن احتج بالقدر على ركوب المعاصي فحجته داحضة، ومن اعتذر به فعذره غير مقبول كالذين قالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا، والذين قالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم كما قال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ*أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (الزمر:56-57). انتهى.

والآية الأولى وردت في شأن أصحاب الكهف، وقد قال ابن كثير مفسراً لها: أي هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم، فإنه من هداه الله اهتدى، ومن أضله فلا هادي له. انتهى.

وقال أيضاً في تفسير الآية الثانية: يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إنك يا محمد لا تهدي من أحببت أي ليس عليك ذلك، إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ(البقرة: من الآية272)، وقال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (يوسف:103)، وهذه الآية أخص من هذا كله، فإنه قال: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ(القصص: من الآية56) أي هو أعلم بمن يستحق الهداية من الغواية. انتهى.

ويظهر من هذا أنه لا حجة في الآيتين على الاستمرار في المعاصي احتجاجاً بالقدر كما يرشد له كلام شيخ الإسلام السابق.

ثم ينبغي لك نصح زميلك المذكور، فإن غلب على ظنك عدم الإفادة من نصحه فلا خير لك في صحبته نظراً للمخاطر المترتبة على مجالسة رفقاء السوء، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة.

وللتعرف على خطورة ترك الصلاة يرجع إلى الفتوى رقم: 6061، وجواب سؤال هل الإنسان مسير أم مخير تقدم مفصلاً في الجوابين التاليين: 8653/4054.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني