الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع العقار الذي لا يمكن قسمته على الورثة وقسمة ثمنه عليهم

السؤال

توجد مجموعة من الورثة توفي والدهم، وترك لهم منزلا كبيرا، فيه طابقان، وأربع محلات تجارية، وأحد الورثة يسكن في أحد طوابق، ويعمل في أحد متاجر المنزل من قبل وفاة والدهم -يعني أن أباه هو الذي سمح له بالسكن والمتاجرة في المحل، دون عقد ملكية- والآن الورثة يطالبون بحقهم من هذا المنزل الكبير، بعد أن توفي والدهم، ويجبرون أخاهم على بيع المنزل، في حين أنه ليس عنده بيت آخر يسكن فيه، ولا عمل يسترزق منه إلا ذلك المتجر، وقد طالبهم بقسمة المنزل، لتفادي الضرر الذي قد يلحق به، طبقا لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا ضرر ولا ضرار. علما أنه متزوج، وله أطفال، فهل يجوز له أن يسكن في هذا المنزل الذي هو ملك الورثة، ويعمل في متجره؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالبيت كله، والمحلات التجارية؛ ملك للورثة، ويملك كل واحد منهما في كل شبرٍ من البيت بطوابقه، ومن المحلات بقدر نصيبه الشرعي في الميراث، وليس لأحد من الورثة أن يستأثر به بعد وفاة المورث دون بقية الورثة، لا في السكن، ولا في استغلال المحلات التجارية.

وإذا أمكن قسمة البيت والمحلات عمليا، حسب الأنصبة الشرعية، قسمت، وأخذ كل واحد منهم نصيبه، واستغله بما يشاء، وإن لم يمكن قسمته عمليا، حسب الأنصبة الشرعية -وهذا هو الغالب في العقارات- وطالب أحدهم بالبيع أجبر البقية عليه، ومن رفض من الورثة البيع، فإن من حق المطالب بالبيع أن يرفع الأمر إلى المحكمة، لتجبر البقية على البيع. وقد قدمنا في فتاوى سابقة أن ما لا يمكن قسمة عينه بين الورثة؛ فإنه يباع، ويقسم ثمنه بينهم، إذا طالب أحدهم بالبيع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَمَا لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ عَيْنِهِ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بَيْعَهُ، بِيعَ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ، وَذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ. اهــ

وقال أيضا: كَلُّ مَا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ؛ فَإِنَّهُ يُبَاعُ، وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ، إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ. اهــ.

وننصح الجميع بتقوى الله تعالى، وإعطاء كل ذي حق حقه، كما ننصحهم بتجنب ما يثير الشحناء والبغضاء بين ذوي الرحم، فالأخوة والرحم أغلى، والحفاظ عليها أسمى من عرض دنيوي زائل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني