الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع المشتري مبلغًا للبائع عوضًا عن التزامه بالبيع بسعر معين خلال مدة معلومة

السؤال

هل يجوز أن أتفق مع تاجر على أن يحتفظ لي بسلعة بسعر اليوم -مثلا 1000 جنيه- لفترة محددة، مقابل مبلغ من المال، مثلا 20 جنيها. للاحتفاظ بالسلعة بسعر اليوم- وذلك لمدة معينة -شهر مثلاً-. فإذا قررت خلال هذه الفترة شراء السلعة، دفعت له 1000 جنيه، وهو سعرها في تاريخ الاتفاق، وليس سعرها في اليوم الذي استلمتها فيه.
وإذا لم أطلب هذه السلعة حتى نهاية فترة الشهر، أفقد حقي في مبلغ ال 20 جنيها. ويكون التاجر غير ملزم ببيع السلعة لي بمبلغ ال 1000 جنيه، لكن يمكن بيعها حسب السعر الحالي.
علما أن ال 20 جنيها لا تحتسب كجزء من سعر السلعة، ولكنه مقابل مادي للاحتفاظ بالسلعة لمدة شهر دون تغيير سعرها، ولو تغير السعر في السوق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه المعاملة تشبه عقود الاختيارات، وهذا المبلغ (20 جنيها) في حقيقة الأمر عوض عن التزام البائع بالبيع بسعر معين خلال مدة معلومة، لصاحب العشرين.

وإذا كان الأمر كذلك، فهو عقد فاسد؛ لأن المعقود عليه هنا -وهو هذا الالتزام- ليس مالًا ولا منفعة، ولا حقًّا ماليًّا، فلا يصح الاعتياض عنه بمال.

ولذلك جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الأسواق المالية:
أ- صورة عقود الاختيارات:

إن المقصود بعقود الاختيارات الاعتياض عن الالتزام ببيع شيء محدد موصوف، أو شرائه بسعر محدد خلال فترة زمنية معينة أو في وقت معين، إما مباشرة، أو من خلال هيئة ضامنة لحقوق الطرفين.

ب- حكمها الشرعي: إن عقود الاختيارات -كما تجري اليوم في الأسواق المالية العالمية- هي عقود مستحدثة، لا تنضوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة. وبما أن المعقود عليه ليس مالًا ولا منفعة، ولا حقًّا ماليًّا يجوز الاعتياض عنه، فإنه عقد غير جائز شرعًا. اهـ.

والبديل عن ذلك بالنسبة للسائل هو بيع العربون المعروف، فيكون السعر الكلي للسلعة هو (1020) يعجل منها (20) وهو العربون، فإن فسخ المشتري العقد استحق البائع العربون.

جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلام، في المعيار رقم (20) المتعلق ببيع السلع في الأسواق المنظمة:
البديل الشرعي للاختيارات:
إبرام العقــد على موجودات معينــة يجوز بيعها شــرعا، مع دفع جزء مــن الثمن عربونا، علــى أن يكون للمشــتري حق الفســخ خلال مدة معينة، نظير استحقاق البائع مبلغ العربون في حال اســتخدام المشــتري حق الفسخ. ولا يجوز تداول الحق الثابت بالعربون ... اهـ.

وجاء في قرار مجمع الفقه رقم (72) المتعلق ببيع العربون:

1- المراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع، على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من الثمن. وإن تركها، فالمبلغ للبائع.
ويجري مجرى البيع الإجارة، لأنها بيع المنافع. ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد (السلم) أو قبض البدلين (مبادلة الأموال الربوية، والصرف) ولا يجري في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة، ولكن يجري في مرحلة البيع التالية للمواعدة.

2- يجوز بيع العربون إذا قُيدّت فترة الانتظار بزمن محدود، ويحتسب العربون جزءاً من الثمن إذا تم الشراء، ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني