الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء في فساد الصوم بالإنزال بتكرار النظر

السؤال

قمت بالإنزال في صباح رمضان، لكنني لم أضع يدي على العضو، وإنما فقط بالمشاهدة، وأقسم أن الشهوة اشتدت عليَّ كثيرًا، وفي آخر اللحظات أغلقت الهاتف، وكنت أدعو الله أن لا أنزل، وتم بعدها بقليل نزول المني بشهوة.
وقرأت عن ذلك أنه يوجب عليَّ القضاء، وأنا لا يمكنني القضاء، لأنني إذا قضيت فسيعرف أهلي أنني أفطرت، فهل تمكنني الكفارة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه يحرم على المسلم نظر الصور الفاضحة المثيرة للغرائز، وتجب التوبة النصوح إلى الله -عز وجل-، والإقلاع عن مشاهدة تلك الصور المحرمة، فإن ذلك من أعظم مفسدات القلب، قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور 30}.

وقد اختلف أهل العلم هل يفسد الصوم بالإنزال الناشئ عن النظر من دون مس، ولا مداعبة للعضو، فذهب الحنفية، والشافعية إلى عدم فساد الصوم، وخالفهم الحنابلة، والمالكية، فاعتبروه مفسدًا للصوم.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا كرر النظر فأنزل.... فيفسد الصوم في قول إمامنا، وعطاء، والحسن البصري، ومالك، والحسن بن صالح، وقال جابر بن زيد، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وابن المنذر: لا يفسد، لأنه إنزال عن غير مباشرة، أشبه الإنزال بالفكر، ولنا أنه إنزال بفعل يتلذذ به، ويمكن التحرز منه، فأفسد الصوم، كالإنزال باللمس، والفكر لا يمكن التحرز منه، بخلاف تكرار النظر. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية ـ 26 ـ 267: ذهب الحنفية، والشافعية إلى: أن إنزال المني، أو المذي عن نظر وفِكر لا يبطل الصيام، ومقابل الأصح عند الشافعية أنه: إذا اعتاد الإنزال بالنظر، أو كرر النظر فأنزل: يفسد الصيام، وذهب المالكية والحنابلة إلى: أنَّ إنزال المني بالنظر المستديم يفسد الصوم؛ لأنه إنزال بفعل يتلذذ به، ويمكن التحرز منه.... انتهى.

والأولى في هذه الحالة القضاء خروجا من خلاف أهل العلم.

وأما عن أهلك: فيمكن أن توهمهم أن الصوم صوم تطوع، ويمكن أن تصوم في أحد الأيام الفاضلة كيوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو الستة من شوال.

علمًا بأن الحياء الذي يفضي لترك القيام بالطاعات؛ يعتبر من الحياء المذموم، فالله تعالى أحق أن يُخشى، ويُستحيى منه، وأن يحرص على ما فيه رضاه، فقد قال الله تعالى: فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {التوبة:13}. وقال تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ {التوبة:62}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني