الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتخلص من مكالمات والد زوجها المحرجة؟

السؤال

والد زوجي صيدلاني، ويتدخل في أمور طبية لجميع من يعرفه كأنه طبيب العائلة. ويعطي دواء لهذا وذاك إذا اشتكى أحدهم من شيء، وهذا ليس محل سؤالي نهائيا. والأمر قد مسني شخصيا، حيث كنت حاملا بابنتي الأولى، وأُعاني في أول الحمل من الإجهاض المنذر. وكل يوم يتصل: ما أخبار الإفرازات التي تنزل عليك الآن؟ كنت أغلق الهاتف بسببه حتى لا أضطر للإجابة على أسألته المحرجة تلك. لأنه قد اتصل مرة وسأل عن الإفرازات ونصحني قائلا: أنت مثل ابنتي، لا تفعلي كذا مع ابني في العلاقة الحميمية حتى تحافظي على الحمل، ووسط الزيارات العائلية يسأل أيضا أمام النساء.
كنت في أول الزواج لا أعلم ما يصح، وما لا يصح، وكنت أرد على كل أسئلته كطفلة، وعندما علم أبي بالأمر أعلمني أن هذا خطأ، ويجب أن ينصحه ابنه، وإلا فسيتحدث هو معه، لأن هذا قلة حياء.
والآن أنا حامل مرة أخرى -ولله الحمد-، وعندي نفس ظروف ابنتي -إجهاض منذر- ويتصل عليَّ لكي يسأل مرة أخرى، ولكنني لا أسايره كحملي الأول، وأقول بخير والحمد لله كلما سأل ما أخبار كذا؟ وحجم الجنين، وفي أي أسبوع؟ وهل الكشف مهبلي أم من السونار؟ فأرد بخير الحمد لله، فهل يجوز لي أن أتهرب من مكالمته؟ لأن زوجي عندما يهاتفه يعطيني هاتفه لكي أتحدث معه إجباريًّا؟ وهل لي أن أرفض، ولا إثم عليَّ؟ أشعر بالأذى من الكلام خصوصا مع التوتر الذي أنا فيه بسبب الإجهاض المنذر، ولا طاقة لي على تحمل أحد.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى لك الشفاء، وأن ييسر لك ولادة سليمة، ويرزقك مولودا صالحا تقر به عينك، وعين زوجك، ونوصيك بكثرة الدعاء، ولا سيما الأدعية المتضمنة لسؤال الله العافية، وقد ذكرنا جملة من هذه الأدعية في الفتوى: 221788، فراجعيها.

وإن كان والد زوجك يسألك مثل هذه الأسئلة التي توقعك في نوع من الحرج، فلا ينبغي له ذلك؛ إذ الأصل ترك الكلام عما يُسْتَحْيَا منه عادة، إلا أن تدعو إليه حاجة، فيكون الكلام فيه بقدر الحاجة من غير استرسال، كما في الحديث الذي رواه أحمد، وابن ماجه، عن خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن.

قال المناوي في فيض القدير عند بيانه معنى هذا الحديث: لا أمتنع من إرشادي لكم، وتعليمكم أمر دينكم، وإن كان في لفظه استحياء، وقدم ذلك توطئة وبسطا لعذره في ذكره ما يستحيا منه عادة بحضرة النساء. انتهي.

وهو قد يتكلم معك في هذا بمقصد حسن، ولكن لا ينبغي له أن يفعل كما أسلفنا، خاصة وأن مثل هذه التوجيهات يمكن أن تأتي من طبيبة مختصة تتابعين معها.

ولست ملزمة شرعا بالرد على مكالمته، وليس لزوجك إجبارك على ذلك، وليس عليك طاعته فيه، ولكن إغلاقًا لباب الشيطان، وتجنبًا لوقوع الخصام بينك وبينه، أو بينك وبين زوجك يمكنك الرد عليه والاكتفاء بالكلام معه بالتحية والسؤال عن حاله، ومداراته إذا تكلم معك عن أمر الحمل، وإخباره بالمتابعة مع طبيبة، ونحو ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني