الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ميراث من اقترض من والده قبل وفاته

السؤال

أحد الإخوة قام بأخذ مبلغ كبير من والده الغني في حياته على سبيل القرض، ويسأل بعد وفاة والده -رحمه الله- حيث إنه أخذ جزءا كبيرا من المال من حقه من الميراث الخاص بأبيه؛ فماذا يفعل بالمبلغ الذي أخذه من والده؟ وهل يقوم بخصمه من الميراث الذي أخذه، ويعطيه للفقراء، أو في أعمال الخير مثلا؟ أم عليه أن يتبرع بكل المال الذي ورثه عن والده، والذي هو أكبر من المبلغ الذي استدانه من والده، ولا يأخذ لنفسه شيئا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا المال المقترض يعتبر دينا للوالد على ابنه المذكور، فهو جزء من التركة، فإن كان الابن المقترض هو الوارث الوحيد لوالده فيعتبر المال المقترض ميراثا له، وله أن يتصرف فيه بما يشاء، ويحسن أن يتصدق عن أبيه، أو يعمل له وقفا، وله أن ينفقه على نفسه، وعياله، وأقاربه، ففي صحيح مسلم -2/ 692- من حديث جابر مرفوعا: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا. يقول: فبين يديك، وعن يمينك، وعن شمالك.
وأما إن كان هناك ورثة آخرون: فإنهم يشتركون معه في التركة بما فيها المال الذي في ذمته، فإما أن يضمه للتركة ليقسم معها على كل الورثة، وإما أن يخصم من نصيب الولد المقترض، ولا يتصدق به، أو يجعل في مشروع خيري، لأنه حق لجميع الورثة كبقية التركة.

هذا، وننبه إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني