الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز لمن كان شاذا جنسيا التخلف عن الجمعة والجماعة خشية الفضيحة؟

السؤال

أنا شاذ جنسيا، فهل يحق لي عدم الذهاب لأداء الجمعة في المسجد؟ فحالتي معقدة جدا، وقد تبت في رمضان الفائت، ووفقني الله بالتوقف عن العادة السرية قبل حوالي ستة أشهر بعد أن دعوته بحرقة، وأصبحت أصلي كل الصلوات في وقتها، وأؤدي بعض النوافل، وبدأت أحفظ القرآن، وأستغفر الله كثيرا، وأقرأ جميع الأذكار عند النوم والاستيقاظ، -والحمد لله- كله توفيق منه سبحانه؛ حاولت أن أنطلق بالحفاظ على الصلوات في المسجد، لكنني لم أستطع، لأنني فضحت في المجتمع، ولم يعرف كل الناس بأمري، لكنني أحس في كل مرة أذهب فيها إلى المسجد أنني أفتضح أكثر، فهل يجوز لي تأدية كل صلواتي في البيت؟ علما أنني لا أعلم ماذا يمكن أن يفعل الناس إذا علموا كلهم بأمري؟ ولكنني أتضرر نفسيا، فكلما أرى أحدا ينفر مني، أو يتكلم علي أتأذى -للأسف- من هذه الجهة، فأنا إنسان ضعيف ألقي بالا كثيرا لما يقوله الناس؟....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنهنئك على ما أنعم الله به عليك من نعمة التوبة إلى الله عز وجل، فهذه نعمة عظمى تستوجب الشكر والاجتهاد في السير على طريق الاستقامة، وقد أحسنت بالمحافظة على الصلوات في وقتها، وأداء بعض النوافل، وإقبالك على الاستغفار وتلاوة القرآن، ونسأله أن يزيدك هدى وتقى وصلاحا، ونوصيك بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه، ولا سيما الأدعية المتضمنة سؤال الله العافية، فهو من أعظم الدعاء.

روى الترمذي عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه: أنه قام على المنبر، ثم بكى، فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول على المنبر، ثم بكى، فقال: اسألوا الله العفو والعافية، فإن أحد لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية.

وراجع المزيد في الفتوى: 221788.

وصلاة الجمعة واجبة على الرجل بإجماع العلماء، وجاءت النصوص الدالة على الترهيب من التخلف عنها لغير عذر، فراجع الفتوى: 323833.

وقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجماعة، والراجح عندنا وجوبها، كما هو مبين في الفتوى: 28664.

والذي يظهر لنا - والله أعلم - أن مجرد هذا الشعور لا يبيح لك التخلف عن صلاة الجمعة، للإجماع على فرضيتها -كما أسلفنا- وأما التخلف عن صلاة الجماعة فأمره أهون، لكونها مسألة اجتهادية، والخلاف فيها قوي، فإن رأيت حرجا في شهودك لها فلا بأس بالترخص بقول من ذهب إلى عدم وجوبها دفعا للحرج.

قال السبكي في الإبهاج شرح المنهاج: يجوز التقليد للجاهل، والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة، من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال: الاختلاف رحمة؛ إذ الرخص رحمة.. انتهى.

ومهما أمكنك أن تصلي الجمعة والجماعة مع المسلمين فافعل، واجتهد في مواجهة الشعور بالانكسار أمام الناس، واعمل على مواجهة من قد يسخر منك، أو يهزأ، وذكره بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ويمكنك أن تتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا إسلام ويب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني