السؤال
هل صحيح أن الملائكة قالت لفاطمة: يا فاطمة: (إنَّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين)، يا فاطمة: (اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الرّاكعين). ثمّ يبتدئ بها الوجع، فتمرض، فيبعث الله -عزّ وجلّ- إليها مريم بنت عمران، تمرّضها وتؤنسها في علّتها، فتقول عند ذلك: يا ربّ، إنّي قد سئمتُ الحياة، وتبرّمتُ بأهل الدّنيا، فألحقني بأبي. فيُلحقها الله -عزّ وجل- به.
لقد ناقشت مع صديق لي، وبعث لي هذا الموقع.
فهل ما قاله صحيح؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجد هذا الكلام إلا في مراجع يكثر بها الكذب والوضع، ولا يوثق بما ورد فيها..
مع أنه لا شك في فضل فاطمة -رضي الله عنها- فقد ثبت في فضلها ما يغني عن الأحاديث الموضوعة.
ففي حديث البخاري عن المسور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاطمة بضعة مني.. اهـ.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنا -أزواج النبي صلى الله عليه وسلم- عنده. فأقبلت فاطمة ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها قال: «مرحبا بابنتي» ثم أجلسها ثم سارها فبكت بكاء شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك.
فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني. قالت: أما الآن فنعم. أما حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني: «إن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب. فاتقي الله واصبري؛ فإني نعم السلف أنا لك» فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: «يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين؟»
وفي رواية: فسارني فأخبرني أنه يقبض في وجعه فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته أتبعه فضحكت. متفق عليه.
وفي الحديث: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران. رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وأحمد شاكر والألباني.
وعن أنس مرفوعا: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون. أخرجه الترمذي وصححه، وكذلك صححه الحافظ ابن حجر.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح، عند كلامه على حديث الصحيحين السابق: وفيه أنها أفضل بنات النبي صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال -رحمه الله-: ثم وهب الله لفاطمة من الأحوال السنية والكمال ما لم يشاركها أحد من نساء هذه الأمة مطلقا... اهـ.
وقال في موضع آخر: وأقوى ما يستدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن، ما ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم إنها سيدة نساء العالمين إلا مريم، وأنها، وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته، فإنهن متن في حياته، فكن في صحيفته، ومات هو في حياتها فكان في صحيفتها. اهـ.
والله أعلم.