الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طلق زوجته ثلاثا برسالة صوتية وحذفها قبل استلام الزوجة لها

السؤال

أنا في مرحلة الخطوبة - أي في فترة عقد القران قبل الدخول - اختلفت أنا وأمي بشأن خطيبتي، وقد كنت غاضبا، وأرسلت رسالة صوتية إلى خطيبتي وقلت أنت طالق، طالق، طالق، لكنني قمت بحذف الصوت قبل أن يرسل، وقد كنت تحت ضغط نفسي، وكنت مدركا أنني أتلفظ بالطلاق، ولم تكن نيتي أن أطلقها، وقد تلفظت به تحت ضغط نفسي وعصبي، فهل وقع الطلاق؟ ولدينا طفل، ووالله لا أعرف ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي السؤال شيء من الغموض، والظاهرأنك تقصد أن هذا قد حدث في أول الأمر، وأنك قد دخلت بهذه المرأة وأنجبت منها، فإن كان الأمر كذلك، فإننا نقول: قد كان الواجب عليك المبادرة إلى سؤال أهل العلم، فهذا واجب على من جهل حكما شرعيا يحتاج إلى معرفته.

قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دِينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43} وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.

ويتأكد ذلك فيما يتعلق بالزواج؛ لأنه يتعلق بالفروج، والأصل فيها التحريم، وقول الزوج لزوجته: أنت طالق، طالق، طالق، إن لم يقصد به الزوج الثلاث، فإنه تقع به طلقة واحدة، قال ابن قدامة في المغني: فإن قال أنت طالق، طالق، طالق، وقال أردت التوكيد قُبِل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد.... وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات. انتهى.

ولا يشترط لوقوع الطلاق وجود الزوجة، أو سماعها الطلاق، أو علمها به، ولا تأثير أيضا لحذف الرسالة الصوتية، فالعبرة بتلفظك بالطلاق، وسبق وأن بينا أن الطلاق يقع بتلفظ الزوج به، سواء كانت الزوجة حاضرة أم غائبة، استلمت الرسالة، أم لم تستلمها، فراجع الفتويين 8683، 53917.

وننبه إلى الحذر من الغضب، فإن عاقبته سيئة في الغالب، ويدفع صاحبه إلى ما قد تكون عاقبته الندم، ومغاضبة الأم قد يترتب عليها عقوقها، فالواجب الحذر، والطلاق ليس الوسيلة الوحيدة، وليست الأولى لحل مشاكل الحياة الزوجية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني