الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إسقاط الدين مقابل كفارة اليمين لا يجزئ عنها

السؤال

قرأت في موقعكم أن إسقاط الدين عن مسكين معسر غير جائز مقابل الزكاة. فهل الأمر كذلك بالنسبة لإسقاط الدين مقابل كفارة اليمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإسقاط الدين مقابل الكفارة لا يجزئ عنها، كما لا يجزئ إسقاطه مقابل الزكاة، فمن كان له دين على عشرة مساكين، ولزمته كفارة يمين، لم يصح أن يسقط الدين عنهم مقابل إطعامهم أو كسوتهم عن كفارة اليمين.

والقاعدة في هذا أن الصدقة الواجبة للفقراء شرعاً لا بد فيها من التمليك -سواء كانت الصدقةُ زكاةً، أو كفارةَ يمين، أو غيرَها من الكفارات الواجبة التي تصرف للفقراء والمساكين- والإسقاط أو الإبراء عن الدين ليس فيه تمليك، ولهذا قال الفقهاء إن الإبراء لا مدخل له في الكفارات ولا يُعد تمليكاً.

قال النووي في المجموع: ما وجب للفقراء بالشرع وجب فيه التمليك كالزكاة. اهــ.

وفي المغني لابن قدامة: وَإِذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِقَدْرٍ مِن الْمَالِ، فَأَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ قَدْرِهِ، يَقْصِدُ بِهِ وَفَاءَ النَّذْرِ؛ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَهَذَا إسْقَاطٌ، فَلَمْ يُجْزِئْهُ، كَمَا فِي الزَّكَاةِ. اهــ.

ونحن وإن قلنا إن إبراء المدين لا يقع عن الكفارة؛ إلا أن إبراءه عمل صالح يؤجر عليه الإنسان، فقد أمر الله سبحانه بإنظار المعسر أو التنازل له، وسمى التنازل عن الدين صدقة، قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {سورة البقرة:280}، وفي صحيح مسلم من حديث أبي اليسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني