الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الوالدين في ترك المباح، منوطة بغرضهما

السؤال

هل يجوز للوالدين مَنْعي من مكالمة أشخاص عبر الإنترنت؛ لخوفهما من أن يؤذيني أحد؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطاعة الوالدين واجبة فيما لهما فيه غرض صحيح، وليس على الولد ضرر فيه.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى من الفتاوى الكبرى.

وراجع الفتوى: 76303

فإن كان لوالديك غرض صحيح في منعك من مكالمة الأشخاص على الإنترنت، بأن كان خوفهما عليك من هذا الأمر له مسوّغ؛ فالواجب عليك طاعتهما.

وأمّا إذا كان منعهما لك من هذا الأمر لا مسوّغ له؛ فلا تجب عليك طاعتها في هذا الأمر، لكن عليك مداراتهما، والحذر من إغضابهما.

وعليه؛ فينبغي أن تعرض سؤالك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم والديانة في بلدك؛ ليستفصلوا منك، ويجيبوك بناءً على ما يظهر لهم.

قال الهيتمي -رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى: وحيث نشأ أمر الوالد، أو نهيه عن مجرد الحمق؛ لم يلتفت إليه؛....

ومع ذلك كله؛ فليحذر الولد من مخالفة والده، فلا يقدم عليها اغترارًا بظواهر ما ذكرنا، بل عليه التحرّي التام في ذلك، والرجوع لمن يثق بدِينهم، وكمال عقلهم، فإن رأوا للوالد عذرًا صحيحًا في الأمر أو النهي؛ وجبت عليه طاعته، وإن لم يروا له عذرًا صحيحًا؛ لم تلزمه طاعته..

والحاصل: أن مخالفة الوالد خطيرة جدًّا، فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوّز لها عند ذوي الكمال. اهـ منه بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني