الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز استخدام الأشياء المغصوبة

السؤال

أخي يعمل في معهد حكومي، ويأخذ من الطلبة أشياءهم، ليقوموا بالشراء من داخل المعهد، أعلم حرمة فعل المعهد، لكن أخي يُطلب منه إعدامها، فيقوم بأخذ بعضها بدل إعدامها، مثل: الكراسات والأقلام.
فهل يجوز لي استخدامها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أصاب السائل في حكمه على فعل المعهد بالحرمة، فإن أخذ هذه الأشياء من الطلبة قهرا بغير حق يعتبر غصبا، والغصب محرم بالإجماع.

قال أبو الوليد بن رشد في المقدمات الممهدات: التعدي على رقاب الأموال بالأخذ لها ينقسم على سبعة أقسام، لكل قسم منها حكم يختص به، وهي كلها محرمة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.

قال الله عز وجل: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. وقال: وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ. وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ـ إلى قوله: وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا...

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خطبته المعروفة الغد من يوم النحر بمكة، في حجة الوداع: ألا إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت. وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النار ـ الحديث. وقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله.

وأما الإجماع: فمعلوم من دين الأمة -ضرورة- أن أخذ أموال الناس، واقتطاعها بغير حق حرام، لا يحل، ولا يجوز؛ فمن قال إن ذلك حلال جائز، فهو كافر، حلال الدم، يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: الغصب: هو الاستيلاء على مال غيره بغير حق، وهو محرم بالكتاب، والسنة، والإجماع.

أما الكتاب: فقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم...

وأما السنة: فروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر: إن دماءكم، وأموالكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. رواه مسلم، وغيره...

وأجمع المسلمون على تحريم الغصب في الجملة، وإنما اختلفوا في فروع منه، إذا ثبت هذا، فمن غصب شيئا لزمه رده، ما كان باقيا، بغير خلاف نعلمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. ولأن حق المغصوب منه متعلق بعين ماله وماليته، ولا يتحقق ذلك إلا برده، فإن تلف في يده، لزمه بدله؛ لقول الله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. ولأنه لما تعذر رد العين، وجب رد ما يقوم مقامها في المالية. اهـ.

فيجب على السائل أن يتجنب هذه الأشياء، ولا يأخذ منها شيئا، وأن ينصح أخاه بالتوبة إلى الله تعالى من هذا الغصب، وأن يرد هذه الأشياء إلى أصحابها من الطلبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني