الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتصرف من له دين على ميت، ولا بَيِّنَة له؟

السؤال

لي أخت أقرضتها بعض المال منذ زمن، ولأنها كانت محتاجة لم أطالبها بالسداد، وكانت تقول لي إنها كتبت الدين الذي بيننا في دفتر لديها، ووالدتي كانت تعلم بالدين، ولكنها لم تكن تعلم قدره، لكن المنية وافتها منذ سنتين.
ولما عدت إلى البيت وبحثت بين دفاترها، لم أجد أي شيء عن هذا الدين، ولا عن قدره، ولا زمنه. ولم أكتب هذا الدين كذلك؛ لأنني اعتبرت أنها قد فعلت ذلك، ولا داعي لكتابته مجددا.
الآن وقد تركت بعض المال، فما حكم الدين الذي لي عليها؟ خصوصا أنني لا أعرف قدره، لأنني أقرضتها المال على فترات، وبقيمة مختلفة.
وقد تركت بنتا، وأما، وإخوة، وهم يطالبون بحقهم من الميراث؟
فهل ضاع الدين؟ وكيف نسدده، ونحن لا نعلم قدره، وأنا لا أريد أن آكل مال أحد من الورثة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا لم يكن لكِ بينة بالدين؛ فليس على ورثة أختك دفعه لك، لكن من غلب على ظنّه ثبوت هذا الدين؛ فعليه -ديانة- أن يؤدي حصته من هذا الدين حسب نصيبه من التركة.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المقنع: وإِن أقر الورثة على موروثهم بدين؛ لزمهم قضاؤه من التركة. وإِن أقر بعضهم لزمه منه بقدر ميراثه. انتهى.

وراجعي الفتوى: 449695، وما أحيل عليه فيها من فتاوى.

وفي حال إقرار الورثة بالدين، ولم يكن هناك سبيل لمعرفة قدره؛ فالسبيل الأقوم أن تصطلحوا على مبلغ تتحرون فيه الحق -قدر المستطاع- وتتراضون عليه؛ فلا يكون عليكِ حرج في هذه الحال، لأنّ الصلح عن المجهول جائز، على القول الراجح عندنا.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ويصح الصلح عن المجهول، سواء كان عينا، أو دينا، إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته......

وقال ابن أبي موسى: الصلح الجائز هو صلح الزوجة من صداقها الذي لا بينة لها به، ولا علم لها، ولا للورثة بمبلغه، وكذلك الرجلان يكون بينهما المعاملة، والحساب الذي قد مضى عليه الزمان الطويل، لا علم لكل واحد منهما بما عليه لصاحبه، فيجوز الصلح، بينهما، وكذلك من عليه حق لا علم له بقدره، جاز أن يصالح عليه، وسواء كان صاحب الحق يعلم قدر حقه ولا بينة له، أو لا علم له. ويقول القابض: إن كان لي عليك حق فأنت في حِلِّ منه، ويقول الدافع: إن كنت أخذت مني أكثر من حقك فأنت منه في حل.

وقال الشافعي: لا يصح الصلح على مجهول؛ لأنه فرع البيع، ولا يصح البيع على مجهول.

ولنا، ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في رجلين اختصما في مواريث درست: استهما، وتوخيا، وليحلل أحدكما صاحبه. وهذا صلح على المجهول. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني