الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصير من مات وكسبه من مال حرام ولا يستطيع ترك العمل

السؤال

مصدر مالي من حرام، ولا أستطيع إيقاف هذا العمل في هذه الأوقات الصعبة، لأن أهلي يعتمدون أشد الاعتماد على أموالي، وأنا أصلي، وملتزم بصلاتي، فهل إن مت سأعذب في قبري، وسأكون من أهل النار، حتى وأنا ملتزم بصلاتي؟ أم صلاتي هذه بلا فائدة... بسبب مصدر دخلي الذي من حرام..؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت تعلم أن كسبك مال حرام، فالواجب عليك -أخي السائل- أن تتقي الله تعالى، وتتوب إليه من الكسب الحرام، وقد جاء الوعيد الشديد في الكسب الحرام، فالجسم الذي نبت من الكسب الحرام متوعد بالنار، ففي الحديث أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ وَدَمٌ نَبَتَا عَلَى سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ. رواه ابن حبان.

والأكل من الكسب الحرام سبب لمنع إجابة الدعاء، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ رواه مسلم.

فالواجب عليك أن تترك الكسب الحرام، إلا إذا وصلت إلى حال الضرورة الملجئة، التي يجوز معها أكل الحرام، وقد بينا ضابطها في الفتويين: 127340، 342880.

وأما هل ستعذب أم لا؟ فهذا لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا يمكن لأحد من أهل العلم، أو غيرهم أن يعلم هل سيعذبك الله؟ أم سيغفر لك؟ والذي يمكن لأهل العلم أن يبينوه هو كون الشيء محرما أم مباحا، وما يترتب عليه من أحكام، وبيان الوعيد الوارد على المعصية، وأما هل سينفذ ذلك الوعيد في العاصي؟ أم سيغفر له؟ فهذا لا يعلمه إلا الله، فهو سبحانه وتعالى يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، فإن مت على الإسلام قبل التوبة من أخذ المال الحرام، فقد يغفر الله لك، وقد يعذبك بقدر ذنبك، وهذا حال العصاة من المسلمين ممن يموت مصرا على الذنب، وانظر الفتويين: 244813، 132104.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني