الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقوق المطلقة الرجعية والبائن

السؤال

حدثت مشادة كلامية بيني وبين زوجتي، فتَرَكَتْ المنزل دون إذني فى وقت متأخر من الليل، وسافَرَتْ لتقيم في منزل أختها، وذلك منذ شهر تقريباً، علماً بأن هذا الأمر قد تكرر مراراً، مما اضطرني إلى الحلف عليها بالطلاق إذا خرجت من البيت دون إذني، أو إذا ذهبت إلى أهلها وباتت عند أختها -حيث لها أخ، وأعمام، وأخوال كثر-. ورغم ذلك كررت هذا الفعل بعد حلفي عليها بالطلاق مرتين، وهذه الأخيرة كانت الثالثة، وأشهد الله أني لم أؤذيها في نفسها، ولا بدنها، ولا دينها، وكنت أنفق عليها وعلى ولدها -عمره: 15 عاماً، ومقيم معي حاليا- وأقضي حاجاتها، وكنت أعفها عن الاختلاط بالناس في الأسواق وغيرها، كما أنها كانت تشتكي التعب أغلب الوقت، فكنت أقوم بإعداد الطعام، وغسل الأواني، وغير ذلك من الأعمال المنزلية بدلًا عنها، إلا أنني كنت أبدي استيائي من ذلك أحياناً لكثرة شكواها دون أعراض ملموسة، كما أنني كنت آمرها ببعض الأمور التي كانت تعتبرها تشدداً مني -كعدم الخروج من المنزل دون إذني، ودون معرفتي بوجهتها، ورفضي اشتراكها في بعض الجروبات المختلطة على السوشيال ميديا، وما شابه ذلك من أمور- والآن قد عزمت أمري على الطلاق، فهل لها نفقة متعة وعدة؟ وما هي حقوقها الشرعية الواجبة عليَّ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فخروج الزوجة من بيت زوجها، وغيابها عنه دون إذنه، لمجرد خلاف بينهما؛ غير جائز، وهو نشوز.

قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في الإقناع: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ، إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ، إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا، وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا. انتهى.

لكن إذا طلق الزوج زوجته دون شرط؛ فلها حقوق المطلقة كالمتعة، ونفقة العدة إن كانت رجعية، أمّا البائن -كالمطلقة ثلاثا- فلا نفقة لها، ما لم تكن حاملا، وراجع الفتوى: 36248

ومن حقّ الزوج إذا كانت زوجته ناشزا أن يضيق عليها؛ لتختلع منه على مال، فتسقط له مهرها، أو بعضه، أو المتعة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء:19}.

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: وقال ابن مسعود، وابن عباس، والضحاك، وقتادة: الفاحشة المبينة في هذه الآية البغض، والنشوز، قالوا: فإذا نشزت، حلّ له أن يأخذ مالها، وهذا هو مذهب مالك. انتهى.

وراجع الفتوى: 8649.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني