الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للزوجة طلب الطلاق؛ لأنها ترى أن زوجها يحب أهله أكثر منها؟

السؤال

زوجتي دائمًا تغضبني على أبسط الأشياء، وهي أيضًا تغضب، وتظل تدعو على أهلي وأخواتي.
في آخر مشكلة حدثت، أخذت هاتفي، وشاهدت محادثة بيني وبين أختي الصغيرة؛ فأنا أريد أن أقدم لها بالمدرسة، لأني كبير العائلة، وأبي رجل كبير بالسن، لكنها تغضب، حتى عند زيارتي لهم، وقد أَلِفت طبعها، فلا أجادلها، وإنما أخرج من البيت، أو أغير مكاني، لكنها تبقى مصرة حتى اليوم التالي من المشكلة.
هي الآن غاضبة عند أهلها، ورفعتْ علي قضية طلاق، رغم أني -والله- لم أقصر معها من ناحية المصروف، ولم أتركها تحتاج لأحد في يوم من الأيام.
أنا لا أريد أن أطلقها؛ لأن عندي 3 أطفال، وهم روحي والهواء الذي أستنشقه، وقد مضى علي أكثر من شهر ولم أرهم، وفي كل دقيقة يتقطع قلبي عليهم. ماذا أفعل؟
حاولت أن أدخل طرفًا آخر للإصلاح، ولكن لا فائدة منها ولا من أهلها، يعني حتى أهلها يقولون للطرف المصلح: هو يحب أهله أكثر من زوجته. فهل يعقل هذا الكلام؟! ولا توجد مشاكل بيننا غير هذا، وإن حدثت، نتجاوزها، إلا مشكلة غلطها ودعوتها على أهلي. فهل هذا يعتبر سببًا شرعيًا للطلاق؟
أنا لا أريد أن أكون ظالمًا لها وللأولاد.
ومن ناحية قانونية: هل لها الحقوق كاملة؛ لأني قد أعطيتها مهرها كاملًا المقدم والمؤجل بقيمة قطعة أرض؟ وكيف آخذ أطفالي عندي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل المولى -العلي القدير- أن ييسر أمرك، وينفِّس كربك، ويصلح ما بينك وبين زوجتك.

ووصيتنا لك أن تكثر من الدعاء، مع صدق الرغبة والرجاء، فما خاب من دعاه، فإنه -سبحانه- أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة في قوله: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60}.

ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى: 119608، ففيها بيان آداب الدعاء، وأسباب الإجابة.

ولا يظهر لنا -فيما ذكرت- أن هنالك ما يسوغ لزوجتك طلب الطلاق، والأصل أن طلب الطلاق منهي عنه، إلا أن يكون لعذر شرعي فيجوز، وسبق بيان مسوغات طلب الطلاق في الفتوى: 37112.

ولا حق لزوجتك في منعك من رؤية أولادك، وحضانة الأولاد حق للزوجين معًا، مادامت الزوجية قائمة.

وإن قدر أن حدث الطلاق، فالحضانة حق للأم ما لم تتزوج، وكون الحضانة لها لا يجعل لها حقًا في منعك من رؤية أولادك، وانظر الفتوى: 97068.

وفي حال سقوط حضانتها، فإنها تنتقل لمن هي أولى بالأولاد بعد أمهم، كأم الأم، حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وهو مبين في الفتوى: 6256.

ويشترط في استحقاق الأب للحضانة أن تكون عنده أنثى صالحة للحضانة، كما ذكر أهل العلم، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 441997.

والمعتبر في حقوق المطلقة حقوقها الشرعية، وسبق بيان حقوق المطلقة في الفتوى: 8845.

ومما يجدر التنبيه عليه هنا هو: أن المطلقة إذا كانت ناشزًا لا حق لها في النفقة، إلا أن تكون حاملًا. وإذا كانت زوجتك قد خرجت من البيت بغير إذنك، أو امتنعت عن الرجوع للبيت حين أمرتها بذلك؛ فإنها ناشز.

ونختم بالقول: إننا نرجو أن لا يحصل طلاق، وعليك بالاجتهاد في سبيل الإصلاح بينكما، وتوسيط العقلاء وأهل الفضل ولو من غير أهلها، عسى الله أن يسوق إليكم الخير على أيديهم.

وينبغي أن تجعلا أسسًا للتعامل بينكما في إطار الاحترام، وأداء كل منكما حقوقه للآخر، وأن يعين كل منكما الآخر على البر بأهله والإحسان إليهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني