الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب رد المرء ما أخذه من أموال غيره

السؤال

أبيع بضائع تجارية (بالقمسيون)، وأحيانًا تكون الأسعار قليلة، فأقوم بدعم التاجر برفع أسعار المبيع له من غير أن يعلم.
وعندما تزداد أسعار السوق، أقوم باسترجاع ذلك من إرساليات أخرى.
وذات مرة أرسل لي التاجر بضاعة في الموسم، وبعتها بسعر عال،
وقمت باقتطاع المبلغ الذي أضفته له بالإرسالية السابقة، وأرسلت له الصافي، وبعدها أخبرني التاجر بالصدفة أن هذه الإرسالية لشخص آخر أرسلها عن طريقه بما أنه يعمل معنا باستمرار، وليست له، وأنا قمت باقتطاع مبلغ منها؛ لأن الأسعار كانت ممتازة، وأريد استرجاع مبلغ قمت بإضافته قبل على إرسالية له، ولم أكن أعلم أن هذه البضاعة لشخص آخر أرسلها عن طريقه. فقد كنت أعتقد أنها بضاعته المرسلة بشكل مستمر خلال الموسم.
والآن أريد إعادة المبلغ له، ولا أعرف الطريقة. وإذا صارحته بالموضوع، فقد يكثر الكلام، ويظن بي السرقة، وهذه القصة لها سنوات.
علما أنني إذا أعدت له فرق صافي هذه الإرسالية، فسيبقى لي نقود في ذمته جراء دعمه برفع الأسعار.
فهل أستطيع أن أتبرع بهذا المبلغ عن ذلك الشخص، درءًا للوقوع في مشكلة، وإبعادًا لسوء الظن بي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام صاحب الحق موجودًا، ويمكن معرفته، والوصول إليه، أو إلى ورثته إن مات، فيجب إرجاع الحق إلى صاحبه، ولا يجزئ التصدق به عنه؛ لعموم الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم، ولم يتعقبه الذهبي.

قال الصنعاني في (سبل السلام): الحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء، وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه، أو من يقوم مقامه؛ لقوله: "حتى تؤديه"، ولا تتحقق التأدية إلا بذلك، وهو عام في الغصب، والوديعة، والعارية. اهـ.

ولكن لا يلزم إخبار صاحب الحق بسبب الاستحقاق، فإن أديت الحق إلى صاحبه بأي سبيل تيسر، أجزأ عنك، ولو أن ترسله إليه بوساطة غيرك، أو بحوالة، أو نحو ذلك.

وهنا ننبه على أن العمل الذي ذكره السائل (القمسيون) سبيله سبيل الوكالة عن التجار، على ما يظهر، وإن كان كذلك، فلا يجوز له دعم التجار بماله، ثم خصم هذا المال من إرساليات أخرى، فإن الوكيل يجب عليه أن يتقيد بحدود الوكالة، ولا يخرج في تصرفاته عن إذن موكله.

قال ابن قدامة في المغني: لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة، وبالعرف أخرى، ولو وكل رجلًا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله، ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقًا، ولا عرفًا .اهـ.

وجاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية): تتعلق بالوكيل أحكام، منها:

الأول: أن يقوم الوكيل بتنفيذ الوكالة في الحدود التي أذن له الموكل بها، أو التي قيده الشرع، أو العرف بالتزامها.
الثاني: موافاة الموكل بالمعلومات الضرورية، وتقديم حساب عن الوكالة ...
.اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني