الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماتت عن زوج وأخوات شقيقات وإخوة ذكور (احتمالات المسألة)

السؤال

ماتت سـيدة عن زوج (لا أولاد لهما) ,أخوات إناث(شقيقات) بعضهن أحياء وبعضهن قد مات، ومن ماتت منهن لها ذرية من ذكور وإناث، والسـيدة المتوفاة (موضوع السـؤال) لها أيضا إخوة ذكور بعضهم أحياء وبعضهم توفي وترك كل منهم من ورائه ذريته من ذكور وإناثكيف يمكن أن يوزع ميراثها؟ علما بأن زوجها مات بعدها بأيام قلائل وترك من ورائه ذرية من ذكور وإناث من زوجة أخرى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنك لم تبين لنا ما إذا كان إخوة السيدة موضوع السؤال؟ أشقاء، أم لأم، أم لأب, ولذا فسوف نفترض الاحتمالات الثلاثة، فإن كانوا إخوة المتوفاة من جهة الأب فلا نصيب لهم لأنهم عصبة، والعاصب ليس له إلا ما يفضل عن أصحاب الفروض، ولا فضل في هذه التركه، بل هي عائلة كما سيتبين لك، ويكون سهم الزوج فيها النصف لعدم وجود الفرع الوارث، قال تعالى: [وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَد ](النساء:12) وللأخوات الشقيقات الثلثان، قال تعالى: [فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ](النساء:176). فالتركة إذاً من ستة مخرج النصف والثلثين وتعول السبعة.

للزوج ثلاثة وللأخوات أربعة.

وإن كان الإخوة المذكورون أشقاء فللزوج النصف أيضا، والباقي بين الإخوة والأخوات للذكر سهمان وللأنثى سهم, قال تعالى: [ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ] (النساء:176) وإن كان الإخوة من جهة الأم، فللزوج النصف دائما وللشقيقات الثلثان وللذين من جهة الأم الثلث، قال تعالى: [ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ] (النساء:12)

وعليه؛ فأصل المسألة ستة مخرج النصف والثلثين والثلث ، وتعول لتسعة، للزوج منها ثلاثة، وللشقيقات أربعة، وللذين من جهة الأم اثنان، قال: صاحب منح الجليل عند ذكر عول الستة لتسعة: أو ثلث ونصف وثلثان، كزوج وشقيقتين، أو الأب وولدي أم . (9/ 645)

ويمكن أن نفترض احتمال أن هؤلاء الإخوة بعضهم أشقاء وبعضهم لأب أو لأم، وهذا الاحتمال لا يخرج عما ذكرنا إلا في كون الأخ للأم يمكن أن يكون منفردا، ، وإذا كان كذلك فالتركه في الفرض الأخير تعول من ستة إلى ثمانية، له هو منها واحد، وللزوج ثلاثة، وللشقيقات أربعة.

وأما إذا كان المنفرد منهم أخاً شقيقا أو أخاً لأب فهو عين ما ذكرنا من قبل، لأن الشقيق مع الشقيقات معصب، ولا فرق بين تعدده وانفراده، والأخ للأب لا يرث في الفرض المذكور متعددا كان أو منفردا.

ثم تقسم تركة كل من مات من هؤلاء بين ورثته، فإن كان فيهم من خلفت زوجا وأولادا وبنات فللزوج الربع والباقي بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثين.

أو كان فيهم من خلف زوجة وأولادا وبنات فللزوجة الثمن والباقي بين الأولاد للذكر سهمان واللأنثى سهم.

أو كان خلف ذرية ذكورا وإناثا ولم يخلف زوجا -كما هو ظاهر السؤال- فجميع متروكه بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثين.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني