الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشترى منزلا من شخص عن طريق البنك وأعطاه مبلغا من المال يرده له بعد تمام البيع

السؤال

قمت بشراء منزل من بنك تشاركي، حيث رغبت في إجراء هذه المعاملة؛ فذهبت للبائع وشرحت له أن البنك الفلاني سيشتري منك البيت، وهذا يأخذ بعض الوقت ورجوته أن يكون صبورا حيث إن ثمن البيت كان مرتفعا 72 مليونا، ولكنه طلب مني العربون؛ فشرحت له أنه ليس من الشرعي أن أعطيك العربون؛ لأن البنك هو من سيشتري، وقلت له: حتى أبين لك عن صدق نيتي سأعطيك مبلغا قدره 5000 درهم على أساس أنه ليس جُزءا من الثمن؛ لأنه ليس عربونا، فعند بيعك للبيت بالثمن المتفق عليه للبنك ترجع لي هذا المبلغ. وعند يوم البيع بينه وبين البنك قام البائع بالضغط علي حيث إنه قال: حتى أتم العملية لن أرجع لك المبلغ الذي أعطيتني، وسأبيع للبنك بالثمن المتفق عليه مسبقا 72 مليونا.
فهل إعطاء ذلك المبلغ له يعتبر من باب الربا والتحايل؟ وإن كنت لم أتفق مع البائع على شيء، بل هو من تراجع ورفض إرجاع المبلغ تحت ذريعة أن ضريبة البيع جاءت مرتفعة؟
وفقكم الله، وسدد خطاكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المعاملة من باب بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو بيع جائز في الجملة، إذا ضُبط بالضوابط الشرعية، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بتلك الضوابط؛ فانظر القرار في الفتوى: 334336.

ومن الضوابط الشرعية في عملية المرابحة: ألا يكون هناك ارتباط تعاقدي بين العميل الآمر بالشراء، والبائع الأصلي في السلعة محل المرابحة.

جاء في المعايير الشرعية ص109: يجب إلغاء أي ارتباط عقدي سابق بين العميل الآمر بالشراء، والبائع الأصلي إن وجد، ويشترط أن تكون هذه الإقالة من الطرفين حقيقة وليست صورية، ولا يجوز تحويل العقد المبرم بين العميل والمصدر، إلى المؤسسة ـ أي البنك.

وجاء فيها ص: 123: مستند وجوب إلغاء أي ارتباط سابق بين العميل، والمورد حتى لا تؤول المعاملة إلى مجرد قرض ربوي؛ لأن انتفاء العلاقة التعاقدية بينهما شرط لصحة تنفيذ المؤسسة عملية المرابحة للآمر بالشراء. اهـ.

وجاء في الضابط رقم (11) من ضوابط المرابحة المستخلصة من قرارات الهيئة الشرعية لبنك البلاد: لا يجوز تمويل سلعة معينة بالمرابحة لعميل دفع عربونا لمالكها، بل يجب حينئذ إلغاء التعاقد بينهما، وتوثيق ذلك، ثم تجري عملية التمويل. اهـ.

وفي قرار الـهيئة الشرعية لبنك البلاد رقم: (15) حول موضوع: ضوابط عقد المرابحة: لا يجوز للبنك الدخول في عملية مرابحة إذا تبين له وجود تواطؤ أيا كان نوعه، بين الواعد بالشراء، والبائع. اهـ.

وعليه؛ فقد كان المطلوب منك ألا تعطي البائع الأصلي للمنزل -محل المرابحة- أيَّ مبلغ من المال. وألّا تقبل بإتمام البيع بين البائع الأصلي والبنك عندما اشترط عليك البائع الأصلي أنه لن يتمّ البيع إلا بأخذ المبلغ الذي أعطيته إياه.

وحيث إن المعاملة قد تمت والبنك لم يعلم بهذا الاتفاق بينك وبين البائع الأصلي، فشراء البنك للمنزل صحيح، وكذلك بيعه لك صحيح، ونسأل الله أن يعفو عنا وعنك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني