الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضابط العيب الذي يثبت به الخيار للمشتري

السؤال

قمت ببيع سيارتي قبل سفري إلى شخص ميكانيكي لا أعرفه، يعيش في بلد مجاور عن طريق أحد الأقارب. أرسلت له صور السيارة رسالة، وأخبرته بما أعتقده فيها من عيوب، وقلت له: إني لا أفهم في الميكانيكا، ولكني أجريت فحصًا ميكانيكيًا للسيارة، تفرضه الجهات المختصة في بلدي قبل البيع، فوافق على الشراء، وأرسل شركة شحن لنقل السيارة، وعند استلام السيارة وجد أنها ليست بالمستوى الذي يريده، كما أن في السيارة خدوشًا منذ شرائي لها، يمكن رؤيتها عند تكبير الصور، وقد نوهت عنها، وكنت أراها عادية، لكن المشتري وجدها عيبًا كبيرًا، إضافة إلى أنه وجد بقعة من الزيت، وهي ناتجة عن تقصير العامل الذي غيَّر مصفاة الزيت، حيث إنه لم يثبتها بشكل جيد، مع العلم أني قمت بتغيير المصفاة قبل سفري، ولم أستخدم السيارة بعد ذلك.
أراد المشتري إعادة السيارة، فأخبرته أن إعادة الترسيم يكلفني مبلغًا من المال، ويجب عليه تحمُّله، أو أن أرسل له مبلغًا يعادل تقريبًا ربع ثَمَنِ السيارة، ليصلح هذه العيوب، فرفض، وترك السيارة في الطريق، وطالب بما دفعه كاملًا، إضافة إلى ما دفعه لشحن السيارة.قريبي هو الوسيط بيننا، فقال لي: إنه سيدفع تكلفة الشحن إن لم أدفعها، فقررت دفعها، حفاظاً على صلة الرحم، على الرغم من شعوري بالظلم، فالمشتري والوسيط يعتقدان أن هذا حق للمشتري، وأكثر ما يزعجني هو اتهامي بالغش، ويعتقدان أني مجبر على إعادة ثمن السيارة كاملاً وأجرة الشحن. فما الحكم الشرعي؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.

وأما المفتي، فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.

وما يمكننا إفادة السائلة به على وجه العموم، أمران:

الأول: أن العيب الذي يثبت به الخيار للمشتري، هو ما كان موجبًا لنقص قيمة المبيع عادةً، أو مفوتًا لغرض صحيح من شرائه.

جاء في الموسوعة الفقهية: ضابط العيب في المبيع عند الحنفية والحنابلة أنه: ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار؛ لأن التضرر بنقصان المالية، وذلك بانتقاص القيمة.
وعند الشافعية: هو كل ما ينقص العين أو القيمة نقصًا يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه، سواء قارن العقد، أم حدث بعده قبل القبض.
وعند المالكية: هو وجود نقص في المبيع أو الثمن، العادة السلامة منه
. اهـ.

والثاني: المبيع إذا رد بالعيب، فإن مؤنة الرد على المشتري لا البائع، إلا إذا كان البائع عالمًا بالعيب وأخفاه، فحينئذ تكون مؤنة الرد على البائع. وراجعي في ذلك الفتوى: 409978.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني