الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من اشترى قطعة فأرسل له البائع قطعتين

السؤال

اشتريت عن طريق النت مرتبة اسفنجية صلبة، غير قابلة للطي للسرير، ولكن البائع أرسل لي مرتبتين بدلا من واحدة، فأرسلت للبائع الإيميل عن طريق موقع الويب الذي اشتريت عن طريقه، أنه تم إرسال مرتبتين، فطلب مني أن أعيدها له بموجب إيميل أرسله لي ردا على رسالتي له، وعن طريق موقع الويب نفسه الذي اشتريت منه، أرسلت للبائع إيميلا أخبره فيه أنني لا أستطيع حمل المرتبة، وإعادة شحنها له، لكوني لا أملك سيارة، وطلبت منه أن يرسل هو شركة الشحن لأخذ المرتبة الإضافية، ولكنه لم يرد على إيميلي هذا، وبعد مضي أسبوعين تقريبا أعدت الكرة، وأرسلت له إيميلا آخر، ولكن للأسف لم يردني من البائع أي رد، وقد مضى على هذا الموضوع قرابة الشهرين من تاريخ استلامي للمرتبة.. أرجو منكم بيان المدة التي يجب علي انتظارها قبل أن أتصرف في هذه المرتبة، وهل يحق لي استخدام المرتبة الإضافية؟ أم يجب علي التصدق بها على المحتاجين.
وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المرتبة الزائدة لا تدخل في عقد البيع، فهي أمانة في يد السائلة، كما لو دفعت هي مالا زائدا على الثمن غلطا، فالزائد يكون أمانة في يد البائع، قال ابن نجيم في البحر الرائق: لو دفع ‌المشتري إلى ‌البائع ‌أكثر ‌من ‌حقه غلطا فالزائد أمانة. اهـ.

ومعنى كونه أمانة أنه لا يدخل في ملك السائلة أبدا دون إذن البائع، فليس هناك مدة معينة يجوز للسائلة التصرف بعدها، وفي الوقت نفسه فإنها لا تضمنها إذا تلفت دون تعد، ولا تفريط منها.

قال ابن قدامة في المغني: لو صارفه عشرة دراهم بدينار، فأعطاه أكثر من دينار ليزن له حقه في وقت آخر، جاز، وإن طال، ويكون ‌الزائد ‌أمانة في يده، لا شيء عليه في تلفه. اهـ.

ومما يترتب على كونها أمانة: أن مؤنة ردها تكون على البائع، لا على السائلة، قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية: ‌من ‌وجب ‌عليه رد عين، هل تكون ‌مؤنة ‌الرد عليه؟ هذا ضربان:

الأول: أن تكون العين مضمونة بيده، فيلزمه ردها، ومؤنة الرد، كما لو غصب شيئا، أو اشتراه شراء فاسدا، وقبضه، فإنه يرده، ومئونته عليه...

الثاني: أن لا تكون مضمونة عليه، فالرد غير واجب عليه، وإنما يجب التسليم والتخلية، والمئونة على المالك كالمودع... اهـ.

وقال السبكي في الأشباه والنظائر: قال القاضي حسين: كل يد كانت يد ضمان ‌وجب ‌على ‌صاحبها ‌مؤنة ‌الرد، وإن كانت يد أمانة فلا. اهـ.

وعلى ذلك، فمن حق السائلة أن تطلب من البائع أن يرسل هو شركة الشحن لأخذ مرتبته، فإن لم يفعل، فالذي نراه أن تعيد مراسلة البائع، وإذا يئست منه فتتصدقين بها عنه، وانظري للفائدة الفتوى: 292558.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني