الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستمرار في العمل أم قبول الخاطب

السؤال

أبعث برسالتي هذه وأتمنى أن تردوا عليها بسرعة لأنه يتوقف عليها اتخاذ قرار هام بالنسبة لي.أسفة مقدما على الإطالة ولكن أود أن أوصل ما أشعر به وما حصل لي قدر الإمكان.أنا طبيبة أمراض نساء وتوليد, تخرجت منذ فترة وبعدما عملت لعدة سنوات في بلدي العربي سافرت لبريطانيا على نفقة الوالد بغرض الحصول على الزمالة البريطانية والعمل للحصول على الخبرة اللازمة والموازية للزمالة وأقيم طوال هذة الفترة مع أختي.حصلت لي عدة عراقيل أولا أثناء عملي في بلدي وكان سفري رغبة مني ومن والدي الذي تضايق جدا مما حصل لي في إثبات قدرتي ورد اعتباري. وفي بريطانيا أيضا واجهت الكثير من المشاكل والعراقيل وحتى الأمور التي لم تشكل عقبة عند الآخرين كانت مشكلة بالنسبة لي. في النهاية قررت التركيز على الدراسة وفعلا حصلت على الزمالة البريطانية وبدأت البحث عن عمل ولم أوفق ولكن أخيرا بدا بعض الانفراج في الأمور.في هذه الفترة وعن طريق صديقة لي تقدم لي شخص بشهادة الجميع هو إنسان ممتاز وملتزم دينيا وله نشاط ملحوظ في مجال الدعوة , تقدم وهو يعلم بأني طبيبة وأرغب في العمل ويعلم بكل ما واجهته . طلب أن نتقابل ونتحدث وقد استخرت قبل اللقاء ولم تكن الرؤية واضحة ففكرت أن الاستخارة ستكون أفضل بعد اللقاء.التقينا وتحدثنا وأصارحكم بأني ارتحت إليه كثيرا وترك انطباعا جيدا لدي ولم يتأثر هذا بكونه مطلق ولديه أربعة أطفال حتى أنه لم يكن لدي مانع إذا طلب بقاء الأطفال معه. لكن أثناء حديثنا تبين لي بانه يمانع تماما فكرة العمل وقد حاولت إقناعه بأن رغبتي في العمل ناتجة عن حبي لهذا المجال وليس رغبة في الخروج من البيت أو في المال وأنه من الضروري وجود نساء في هذا المجال وأنه لو كان أي عمل آخر لما كان لدي أي تردد في التوقف عنه. بالمقابل حاول هو إقناعي بضرورة بقاء المرأة في البيت وعدم الاختلاط وطاعة الزوج وقد بينت له أنه رغبتي في طاعته هي التي دفعتني لإيضاح الأمور وعدم الوعد بشيء لا أكون مقتنعة به.طلب مني أن أستخير عدة مرات في أثناء حديثنا وهذا كان قراري من البداية ولكن عندما وجدت أن كلاً منا مصر على موقفه فكرت (ولا أدري الآن إن كانت فكرتي خطأ) بأنه لا تصح الأستخارة في هذه الظروف وقلت له بالفعل كيف أستخير والأمور واضحة وعندما شعرت أن ليس لديه ما يقوله بعد أن طلب مني لآخر مرة أن أستخير وأنه محرج من أن ينهي هو اللقاء أنهيت الأمور عند هذا الحد وأكدت له بأنه لا ضرورة لشعوره بالحرج لأنه غير ملزم بأي شئ وأنه لم يعد بأي شيء قبل لقائنا.رجعت إلى البيت وأنا مرتاحة ومقتنعة بصواب قراري وكلمت الأهل وكان لهم نفس الرأي ولكن بعد عدة ساعات وبدون رغبة مني أخذ كلامه يتبادر مرة أخرى إلى ذهني وكلما استعدت أي كلمة قالها كان شعوري يزداد بالقلق الشديد والخوف من أن أكون مخطئة في قراري ليس من فكرة رفضة كشخص لأني مؤمنة بقول الرسول أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا ولكن خشيتي كانت من فكرة أني ربما أكون أصر وأكابر على شيء فيه مخالفة لديني وربي. تضايقت جدا لدرجة أني فكرت أن أكلمه لأسمع منه هو شخصيا أني دينيا محقة وأن هذا هو رأيه الشخصي الذي يصر عليه وينتهي الأمر عند هذا الحد.ما أرغب به هو أولا رأيكم في الاستخارة في هذه الظروف هل تصح أم لا. ثانيا رأي الدين في عمل المرأة في هذا المجال وهل كان خطأ ما فعلتة لأني مستعدة للرجوع عن رأيى هذا وحتى إخباره هو بذلك دون أن أشعر بأي غضاضة أو انتقاص من قدري لما رأيت منه من أخلاق ومن قدرة على الإقناع أحسست بأنها نابعة من قناعته التامة بما يقول وهذا الذي جعلني أشعر بما أشعر به الآن من ضيق هذا حتى ولو علمت بأنه صرف النظر نهائيا عن موضوع الزواج.أخيرا أقول للعلم وليس لإثبات صحة موقفي بأني من أسرة محافظة جدا وذهبت إلى الحج والعمرة عدة مرات وأضع لنفسي قائمة طويلة للممنوعات وأساسا لا أحب الاختلاط والخروج وقد أخبرته بذلك. أيضا أرغب في تعويض والديّ وخاصة والدي عن كل ما فعلوه لأجلي تعويضا معنويا وليس ماديا وذلك لرغبتهم الشديدة في رؤيتي بمستوى علمي جيد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان هذا الرجل مرضيا في دينه وخلقه -كما قلت- فالذي ننصحك به المبادرة إلى الزواج منه وذلك لجملة من الأسباب منها:

1ـ أن الشرع دعا إلى ذلك؛ بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي.

2ـ أن رفض المرأة للخطاب قد يولد كراهية وعزوفا للرجال عنها، ولا يخفى مافي ذلك من تفويت فرصة عظيمة للزواج الذي هو وسيلة شرعية لتحقيق الرغبة والحصول على الولد.

وما تحججت به من حب العمل لا يعد موجبا كافيا لرفض الزواج، وذلك لأن الأصل أن المرأة محلها البيت والقيام بشؤون زوجها وتربية أبنائها، وخروجها إلى العمل ولو كانت محتاجة إليه يحتاج إلى ضوابط شرعية، راجعيها في الفتوى رقم: 5181، ولا شك أن هذه الضوابط شبه معدومة في البلد الذي أنت فيه، فإن وُجِدَت وهذا مالا نتوقعه،أو انتقلتما إلى بلد إسلامي فلا ينبغي لزوجك أن يحرمك ذلك لانتفاء مخالفة الشرع في ذلك، بل ربما كان فضيلة وعملا جليلا لما فيه من مصلحة الأمة، وعلى كل حال لاتتركي الاستخارة في أي أمر هممت به، وأخيرا نوصيك بقطع العلاقة مع هذا الرجل فلا تحتكي معه ولا تخضعي له في القول إلى أن يشرح الله صدوركما لهذا الزواج فأنت أجنبية عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني