الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الخلع من دون عوض للزوج، ثم مطالبة الزوج بالعوض

السؤال

تزوجت منذ 3 أعوام، وقد خلعت زوجي. وكان الاتفاق بين والدي ووالده أن يتم الخلع من دون شيء، وكان هناك سوء معاملة منه مما جعلني أقوم بتصرف خاطئ تجاهه. ومنذ يومين قمنا بالتواصل وقلت له الحقيقة فأصبح يطالبني بالمهر.
هل يجوز أن أعطيه له، وقد مر على ذلك 4 سنوات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسائل التي فيها نزاع وخصومة؛ لا تنفع فيها الفتوى عن بُعد؛ ولكن مردها إلى القضاء الشرعي للفصل فيه، أو إلى من يرتضيه الزوجان للحكم بينهما ممن يصلح لذلك، فيسمع من الزوجين ويتعرف على حقيقة ما حصل بينهما.

والذي بوسعنا أن نبينه من حيث الحكم الشرعي على وجه العموم:

أنّ الخلع بغير عوض مختلف في صحته بين أهل العلم، والجمهور على عدم صحته.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإن خالعها على غير عوض، كان خلعا، ولا شيء له.

اختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسألة؛ فروى عنه ابنه عبد الله، قال: قلت لأبي: رجل علقت به امرأته تقول: اخلعني. قال: قد خلعتك. قال يتزوج بها، ويجدد نكاحا جديدا، وتكون عنده على ثنتين. فظاهر هذا صحة الخلع بغير عوض. وهو قول مالك؛ لأنه قطع للنكاح، فصح من غير عوض، كالطلاق، ولأن الأصل في مشروعية الخلع أن توجد من المرأة رغبة عن زوجها، وحاجة إلى فراقه، فتسأله فراقها، فإذا أجابها، حصل المقصود من الخلع، فصح، كما لو كان بعوض. قال أبو بكر: لا خلاف عن أبي عبد الله، أن الخلع ما كان من قبل النساء، فإذا كان من قبل الرجال، فلا نزاع في أنه طلاق تملك به الرجعة، ولا يكون فسخا.

والرواية الثانية، لا يكون خلع إلا بعوض. روى عنه مهنا، إذا قال لها: اخلعي نفسك. فقالت: خلعت نفسي. لم يكن خلعا إلا على شيء، إلا أن يكون نوى الطلاق، فيكون ما نوى. فعلى هذه الرواية، لا يصح الخلع إلا بعوض، فإن تلفظ به بغير عوض، ونوى الطلاق، كان طلاقا رجعيا؛ لأنه يصلح كناية عن الطلاق. وإن لم ينو به الطلاق، لم يكن شيئا. وهذا قول أبي حنيفة والشافعي. انتهى.

وعلى أية حال؛ فإن رضيت برد المهر له؛ فلا حرج عليك في ذلك.

أّما إذا لم ترضي بذلك، وطالب هو به؛ فالصواب أن تعرضوا المسألة على المحكمة الشرعية، أو علم من تمكنكم مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالفقه والديانة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني