الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عمتي ساحرة وهي في نفس الوقت حماتي، ولم أكتشف ذلك إلا بعد أن أنجبت أربعة أبناء، والذي حدث: أني شككت فيها أنها تعمل سحراً، وقلت لزوجي: فقال لي: أريحي نفسك، فلو أني رأيتها بعيني لكذبت عيني، لأنها أمي، ومضت الأيام، وكبر أولادي، وصارت ابنتي الكبرى في سن السابعة عشر، حتى اكتشف زوجي وصارحه أخوه الأصغر أنها حقاً تتعامل مع الجن، وأنها تؤذي كل من تعرفه، وتتلذذ بذلك والعياذ بالله.
أفتوني: ما حقها عليّ، بما أنها أم زوجي، وجدة أبنائي؟ وما واجبي الشرعي عند محاربتها كساحرة؟ علمًا بأن زوجي بعد اكتشاف ذلك، وبعد كتمانه عني أنه علم، قام بتقديم استقالته من عمله بعد أن وصل مدير إدارة، وقدم على عمل في دولة أخرى، وذلك منذ ثلاث سنين، وكنا عندما نذهب له في الصيف يقول لنا قبل أن نذهب إلى المنزل: عيشوا معي، ولا أحد يكلمني عن مصر أبداً، وكنا لا نفهم ونتعجب! وها أنا حائرة، ومحاربة لما تصنعه في بيتي، ولإبطال السحر بذكر الله، والدراسة في فروع العلم الدينية، وساعدني عالم فاضل وأسرته في ذلك -جزاه الله عني وعن الإسلام خيراً-، لأني بفضل ونعمة من الله لا أصرع، ولكن أكون يقظة، والجني ينطق على لساني ويعينني الله عز وجل وينصرني عليهم، فلا أريد أن ألجأ إلى غيره عز وجل، فقد ثبتني، وعصمني من اتباعهم، ولهذا فعمتي تكرهني، وتطلب ممن يذكر اسمي أمامها ألا يذكرني، لأني أسبب لها كهرباء في كل جسمها.
المهم: أفيدوني كيف أرجع زوجي إلى بيته؟ فهو يصارحني بكيفية الرجوع؟ وما العمل الذي يلتحق به؟ مع العلم بأنه مهندس ذو خبرة كبيرة في الطرق والكباري، ولكني كلما قلت له إننا في حاجة شديدة إليك، قال لي: كلما اتصلت حولت المكالمة شجاراً، ويقول: تريدين مني أن أظل سمكًا خارج الماء.
ما حكم الشرع في ذلك حتى لا أحيد عن الشرع؟ فأنا أحس أني امرأة تاهت منها دروب الحياة، فكيف لي بالسير فيها؟ دلوني على محطة الآخرة، كي أنتظر الرحيل، فإني أحس بالغربة الشديدة في الحياة، وأتمنى من الله عز وجل أن يقبضني وهو راض عني غير غضبان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتسأل الله تعالى أن يشفيك وزوجك ويعيذكم من السحر والسحرة آمين.

ثم اعلمي -أيتها الأخت- أنه إذا كان ما نسبت إلى عمتك أمر حقيقي، فقد أتت ذنباً عظيماً وجرماً خطيراً، لأن السحر من كبائر الذنوب، بل من موبقاتها؛ كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.

وعلى هذا؛ فالواجب عليك أن تنصحيها بالتوبة من هذه المعصية وتخوفيها عذاب الله تعالى وعقوبته إذا هي أصرت على ذلك، ولو استعنت على ذلك بالأشرطة والكتيبات التي تبين خطورة هذه الكبيرة فلا بأس.

وبخصوص ما لحقك وزوجك من شر هذه الساحرة، فاعلمي أن أعظم وسيلة للتخلص من ذلك هو اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء بالشفاء منه وملازمة الطاعة والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية وأذكار دخول الخلاء وأذكار الأكل والشرب وقراءة القرآن، وخاصة سورة البقرة والمعوذتين، وذلك أن القرآن الكريم سبب عظيم لشفاء الأسقام كما قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82].

ولا حرج في الرجوع والاستعانة بمن توفرت فيه صفات الخير والصلاح ممن عرف بمهارته بالرقية الشرعية، وانظري الفتوى: 4310، وينبغي أن يفعل مثل ذلك مع الزوج، وإن تيسر لك المقام مع زوجك في البلد الذي انتقل إليه وكان من بلاد المسلمين فينبغي أن ترافقيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني