الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يُلزم الإنسان ديناً لم يلتزمه ولم يتعاط سببه

السؤال

لي زوج أختي أخذ مني مبلغاً من المال على سبيل الشراكة في أي تجارة يديرها هو وظل عنده المبلغ مدة ثلاث عشرة سنة ودائماً أسمع أنه سوف يحاسبني ولم يفعل حتى مات، ولكنه قال لأولاده عن هذا المبلغ وأنا أقيم في بلدة أوروبية ومعي ابن من أبنائه وكان معي مبلغ لهذا الابن فأعطيت لنفسي الحق وأخذت من المبلغ هذا ما يعادل مالي الذي لي عند والده دون علمه وبعد ثلاث سنوات فوق الثلاث عشر عام ردت لي أختي أصل المبلغ مع العلم بأن زوج أختي ربح كثيراً من المال ولكني لم أستفد منه شيئاً طيلة هذه المدة، والآن وقد صارحتهم بما فعلت فهم يطالبوني برد المبلغ الذي أخذته بالعملة الأجنبية وليس ما يعادلها مع العلم بأن القيمة زادت مع الوقت وهم لا يفعلون ذلك مع أنفسهم في مالي الذي مكث عندهم طيلة ثلاث عشر سنة، فما عساي أن أفعل معهم، مع العلم بأني أخذت ما يعادل أصل مالي فقط؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا مات الميت وفي ذمته حقوق الناس وجب على الورثة إخراج هذه الحقوق قبل قسمة التركة، لقول الله عز وجل: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ، وفي الحديث: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد.

جاء في مواهب الجليل: واعلم أن الذي يخرج من التركة قبل وقوع الميراث فيها ينقسم إلى قسمين: أحدهما: ما يجب إخراجه من رأس المال... وما يجب إخراجه من رأس المال على وجهين: أحدهما: حقوق معينة. والثاني: حقوق ليست معينة، ثم ذكر من الحقوق المعينة فقال: كالمرهون.... وما أقر به المتوفى من الأصول والعروض بأعيانها لرجل، أو قامت على ذلك بينه. انتهى.

ولما كان هذا الرجل المتوفى قد أقر بهذا المبلغ للسائل وجب على الورثة المسارعة إلى دفعه له من التركة وحرم عليهم مماطلته، وأما أخذ السائل مال الولد مقابل ماله الذي على والده، فغير صحيح لأن حقه تعلق بذمة الوالد لا بذمة الولد، ولا ينبغي أن يلزم الإنسان ديناً لم يلتزمه ولم يتعاط سببه.

وعليه؛ فيجب رد هذا المبلغ إلى صاحبه (ولد الميت) بمثله أي بنفس العملة، فإن الدين يرد بمثله فقط، على مذهب الجمهور، وراجع الفتوى رقم: 7110. ورقم: 20224

وبخصوص الأرباح الزائدة على أصل المال التي يدعيها صاحب المال على الميت فإذا لم يكن الميت أقر له بها فإن عليه أن يقيم البينة على دعواه هذه، فإذا أقام البينه أو أقر له الورثة استحقها من التركة ولزم الورثة كلهم تسليمها له من مال مورثهم لا من أموالهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني