الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقول من العلماء حول اقتداء المفترض بالمتنفل

السؤال

صلاة المتنفل بالمفترض ؟
سئل أحد العلماء الأفاضل : " رجل جاء إلى الجماعة و هم يصلون التراويح وهو يعلم ذلك . هل يصلي معهم بنية العشاء أم يصلي منفردا ؟
فأجاب : لا حرج أن يصلي معهم بنية العشاء في أصح قولي العلماء . وإذا سلم الإمام قام فأكمل صلاته ، لما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة . ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فدل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في بعض أنواع صلاة الخوف ، صلى بطائفة ركعتين ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين . وكانت الأولى فرضه أما الثانية فكانت نفلا وهم مفترضون .اهـ
قلت : كل من أجاز صلاة المتنفل بالمفترض ، استدل بهذين الحديثين . ولكن المتأمل في الحديثين يلاحظ فرقا بين صورة السؤال والصورة فيهما .
ففي حديث معاذ أنه كان يصلي بهم الصلاة التي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي صلاة العشاء ، وقد ورد ذلك صريحا في بعض الألفاظ ، و ذا يدل على أنه كان يدخل بنية إعادة الصلاة الفريضة وإن كانت في حقه نافلة ، فهو قبل أن يكبّر للإحرام يقصد صلاة العشاء بقومه ؛ أعني أنه يأتي بصلاة العشاء على هيئتها المفروضة ... وأما صورة السؤال فمختلفة ، لأنها تتعلق بمن قصد النفل ولا ينوي غير النافلة ... فكيف تلحق هذه بتلك ؟؟؟
وكذلك الحال بالنسبة لحديث صلاة الخوف ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد الصلاة الفريضة بالطائفة الثانية ، وليس في شيء من الأحاديث أنه كان ينوي النافلة .
وقد يكون واجبا في حق الإمام ، في مثل تلك الحال ، إقامة الصلاة مرتين . وهذا هو المتعيّن ، إذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك .
هذا وقد ورد الحديث عن جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم وليس فيه التسليم من الركعتين ، وهذا نصه : " ... ثم نودي بالصلاة ، فصلى بطائفة ركعتين ، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، قال : فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان "
فحمل بعض العلماء ، ومنهم النووي رحمه الله ، على التسليم من ركعتين . وذهب بعضهم ، ومنهم ابن القيّم ، على عدم التسليم .
ومهما يكن ، فإنه ليس في حديثي معاذ وجابر في صلاة الخوف ، دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل على الإطلاق . والله تعالى أعلم
(أرجوا التعليق على هذا الكلام ومناقشته للاستفادة من علمكم الغزير, ولكم ألف شكر)

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذ الموقع لا يهتم بالتعليق على فتاوى الآخرين أو مناقشتها والمسائل التي جرى فيها الخلاف بين علماء الأمة لأن قول أحد من المتأخرين لا يرفع ذلك الخلاف، والموقع كما هو ملحوظ في الفتاوى الصادرة عنه يختار المذهب الراجح فيما يظهر ويدعم ذلك بالأدلة.

وعليه، فما يهمنا التنبيه عليه أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم وأن الذي أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية هو ما أفتى به العالم المذكور في السؤال، وهو مذهب الشافعية.

ففي الفتاوى الكبرى: فعلم أن موافقة الإمام في نية الفرض أو النفل ليست بواجبة، والإمام ضامن وإن كان متنفلا، ومن هذا الباب صلاة العشاء الآخرة خلف من يصلي قيام رمضان يصلي خلفه ركعتين ثم يقوم فيتم ركعتين، فأظهر الأقوال جواز هذا كله. انتهى.

وقال الإمام النووي في المجموع: وعن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يطلع إلى قومه فيصليها لهم، هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء. حديث صحيح. رواه بهذا اللفظ الشافعي في الأم، ومسنده، ثم قال: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من طريق واحد أثبت من هذا ولا أوثق، يعني رجالا.

قال البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار: وكذلك رواه بهذه الزيادة أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج كرواية شيخ الشافعي عن ابن جريج بهذه الزيادة، وزيادة الثقة مقبولة.

قال: والأصل أن ما كان موصولا بالحديث فهو منه لا سيما إذا رُوي من وجهين، إلا أن تقوم دلالة على التمييز، قال: والظاهر أن قوله هي له تطوع ولهم مكتوبة من قول جابر، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بالله وأخشى له من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم، وحين حكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعل معاذ لم ينكر عليه إلا التطويل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني