الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط وقوع الطلاق بالكناية

السؤال

هذا السؤال واحد وهو على صيغتين: الأولى على حسب تصوري للأحداث التي وقعت بيني وبين زوجتي، والثانية على حسب تصور زوجتي لهذه الأحداث، صيغتي أنا أي الزوج: في البداية تم القران, وبعدها أصبحت هناك بعض المشاكل بيننا في مجال الثياب والسترة والتزين إلخ... وبعد حمل الزوجة تعقدت الأمور وأصبحت لا أرى مجالا في بقائنا وكنت أود مفارقتها, كانت كلما تشاجرنا أقول لها أنا لا أريدك واذهبي إلى بيت أهلك وليس بيننا شيء, اذهبي ولا ترجعي, اذهبي عني أنا لا أريدك وفي نيتي الطلاق ولا أتلفظ به ولكن في كل مرة أتردد في تطليقها وأحتار وكذلك خوفا من أمي التي لا ترغب في هذا الطلاق وتقول لي إنها إن فعلت هذا لا تسامحني ولا ترغب في زواجي بأخرى وغيره, وفي بعض الأحيان لما نتشاجر آخذها إلى بيت أهلها وأقول لها لا ترجعي ولا أريدك ولا تتصلي بي وفي نيتي الطلاق وأن لا أعود إليها لكن في الطريق أو المنزل أفكر وأتردد وأنا في حيرة من أمري ماذا أفعل, وبعدها أذهب لإرجاعها, مع العلم بأن هذه الأحداث جرت ما بين 1999 و 2001 أنا أروي ما أتذكره تقريبا وإن نسيت البعض أو الكيفية التي وقعت فيها الأحداث ماذا يكون الحال مع هذا النسيان، وفي آخر حملها كنت لا أطيقها بحيث قلت لها لا ترجعي بعزيمة الطلاق ثم بعد ذلك تدخلت الأم وهي في كل مرة تتدخل للتسوية وترجعها, وعند ولادتها كانت في بيتي وكنت أتسرع في ذبح العقيقة وختان الطفل وهذا لأجل إرجاعها إلى أهلها وتطليقها ولكن أرجعتها الأم, وأخيرا قررت طلاقها وأخذتها إلى بيت أهلها ورفعت دعوة قضائية في المحكمة لطلب الطلاق وتمت الجلسة الأولى فسألتني القاضية ماذا تريد قلت لها أطلقها ولا ترجع إلي وكانت إجابة الزوجة بالبقاء وبعد أيام كانت الجلسة الثانية وكان نفس مطلبي وهو الطلاق وأجلت القاضية صدور الحكم بالطلاق إلى أيام, وبعدها كانت مشاعري لا تتركني وتفكيري على الولد وضميري المؤنب وكذلك غضب الأم التي لم ترض على هذا الطلاق ذهبنا إلى والديها وطلبنا، أهلها أن ترجع ولم ترد أمها إلا بعد أن نستفتي في هذا الأمر على أن الحكم بالطلاق لم يصدر لأنه ألغي بدعو مني, ومع هذا أخذتها إلى بيتي وبدأت أستفتي على قرينة المحكمة أتعد طلقة أم لا, فإذا بي أفاجأ بمن يقول إنك طلقت مرات عديدة سندا لصيغ الألفاظ والطرد السابقة الذكر و يقولون إنه طلاق بالكناية, وبالتالي شعرت بكآبة في نفسي ثم قصدت بعض أهل العلم فمنهم من يقول إن الطلاق لا بد أن يكون بلفظ الطلاق والآخر يقول إنه حسب نيتك -أي إذا كانت نيتك الطلاق فيقع وأما إن كانت لا فلا يقع- وأنا أسأل هل يعني أن نيتك الطلاق أنك إذا نطقت بهذه الألفاظ فإن كان في نفسك قد طلقتها وقع الطلاق, أو لم يكن في نفسك بل ستطلق وقع الطلاق أم لا ، وأنا كان في نفسي أني سأطلقها وعبر المحكمة، وآخرون يقولون إنك لم تطلقها ولا يوجد طلاق بتاتا, وقصدت أخيرا وزارة الشؤون الدينية فأجابني أحد منهم أنك لم تطلق وليس هناك طلاق وأنك لو طلقت لتلفظت بكلمة الطلاق وعلى هذا قال لي اذهب ولا تدع هذا الأمر في نفسك وسألته على تلك الدعوة في المحكمة قال لم يصدر الحكم بالطلاق إذ لا يوجد طلاق ومع هذا حاولت معه أني قلت أريد الطلاق فقال احتسبها طلقة وأرجع زوجتك وفعلا احتسبتها طلقة واحدة التي هي قرينة المحكمة وأعدت عقد النكاح من جديد, ومع هذا أجد في نفسي في بعض الأحيان أني أود مفارقتها ولا أريد العيش معها وبتكرار تلك الألفاظ السابقة الذكر، ومنذ ذلك الحين أصبحت الأمور عادية وبعدها وجدت في نفسي بعض الشك أنها وربما بتلك الألفاظ أصبحت حرام علي مجامعتها حتى تنكح زوجا آخر فكنت لا أرغب إنجاب الأولاد معها للشك السائد في نفسي وأريد أن أستفسر عند أحد من أهل العلم الكبار لكي يفصل في مشكلتي العويصة وبعدها حملت زوجتي بالمولود الثاني وهي في الشهر السابع حاليا ومع ذلك لا زلت أشك في علاقتنا حتى أرى فتوى من أهل العلم الموثوق بهم وأقول في بعض الأحيان أفارق الزوجة وأنتهي من جميع هذه المشاكل والوساوس وأخوف ما أخشاه أن تكون علاقتنا هذه حرام وبعدها الولد وأنا لا أريد هذا خوفا من الله تعالى، والآن صيغة الزوجة: في البداية تم الزواج في أكتوبر 1999 وبعد حوالي شهرين من الزواج أي في ديسمبر 1999 بدأت المشاكل تظهر بيننا مردها أن الزوج كان لا يحتمل تصرفاتي وكان ينتقد أي شيء أقوم به, كنت أرتدي الملابس المحتشمة ولا أتبرج وكنت أرتدي الخمار ومع ذلك كان دائما يجد لي سببا للانتقاد ويدعي أنني لست متدينة مع أنني كنت أصلي وأصوم وأقوم بواجباتي وربما كنت لا أستيقظ لصلاة الفجر وأرتدي حجابي ولكن لظروف العمل في المنزل والأشغال المنزلية كنت أرفع على يدي إلى المرفقين عند الغسل وكنت لا أربط الخمار على عنقي ولكن فوق رأسي مع العلم أن هناك أخ واحد لزوجي يسكن معنا ولا يكون دائما في المنزل, بدأت المشاكل على شكل خلافات كلامية كأن يقول الزوج أنه نادم على الزواج وأنه لم يكن يظن أنني هكذا وأنه لم يعد يطيق معاشرتي ثم بعد حوالي شهر من ذلك أي في بداية 2000 أصبح يطلب مني الرحيل من المنزل وكان يوصلني إلى بيت أهلي ولم يكن يدخل أبدا ليسلم عليهم بل يضعني أمام الباب ويذهب وعندما يأتي لاصطحابي يضرب جرس السيارة لأنزل إليه وبدأت تتعقد الأمور وفي هذه الفترة كنت حاملا وكان يأخذني إلى بيت أهلي ويطلب مني عدم الرجوع وكان يشتمني ويسبني كما كان يشتم أهلي ولا يريد أي صلة بهم كان يريد التخلص مني بالمفارقة ثم يتصل بي بعد ذلك ويطلب مني العودة وكان دائما يضع شروط كأن يطلب أن أرتدي الحجاب وأن أتزين له بكثرة, وكنت في الحقيقة أرى تصرفاته غريبة كأنه إنسان غير مستقر ولا يعرف ما يريد لأنه متردد وكان يقول أنه يرجعني بسبب أمه التي تطلب منه إرجاعي إلى المنزل وفي بعض الأيام اكتشفت ورقة كتب فيها أمور سيئة عني كان يريد الاستفتاء بها عند أحد الأئمة أنني لا أعجبه لا في جمالي ولا في الأخلاق وأنه لا يريد معاشرتي، وفي أحد الأيام اكتشفت وجود شيء ملفوف في ورقة في الفراش الذي في خزانتي وهذا في الوقت التي كانت المشاكل في القمة وعندما ذهبت به أخته إلى أحد الرقاة قال لها إنه سحر النكر والتنكير أي سحر التفريق بين الزوجين, ورددت بعض التصرفات التي كان يقوم بها زوجي إلى ذلك أي أنه كان كثير الانقلاب لا يعرف ما يريد أصلا يقول أنه لا يريدني, حصل ذلك حوالي مرة أو مرتين كل شهر أي 10 مرات أو أكثر بالتقريب من هذه المشاكل ما بين بداية 2000 حتى ولادة الطفل في جو يليا 2000 و بعدها أسرع في الأمور ليتخلص منا و كنت أحس بذلك ثم في أكتوبر 2000 أخذني للمرة الأخيرة لبيت أهلي وطلب مني عدم الرجوع نهائيا, وبعدها جاءت أمه وأخوه وأخذاني إلى منزل زوجي أي مع أهله دون أن يعلم هو بالأمر وعندها ليضع الجميع أمام الأمر الواقع أي في نوفمبر 2000 إلى غاية آخر يوم من جانفي 2001 رفع دعوى قضائية أمام المحكمة ليطلب الطلاق حيث أني كنت دائما أطلب منه أن يتلفظ بالطلاق أمامي لكي لا أعود نهائيا إلى بيته لكنه لم يكن يريد أن يتلفظ بها أمامي مع أن تصرفاته لم تكن طبيعية بالنسبة إلي وعندما كنت أطلب منه أن يقابل أهلي ليفسر لهم الأمر كان دائما يرفض وعندما طلبت منه أن يأخذ إماما ويذهب به إلى أهلي ليطلقني كان يرفض ذلك أيضا, ثم بعدها جاء وأراد رجوعي إلى المنزل علما بأنه لم تكن علاقة بيننا منذ أوائل أكتوبر 2000 إلى غاية فبرير 2001 عندما قررت الرجوع إلى المنزل بواسطة والدته التي لم تقطع بيننا الاتصالات, وتنازل عن القضية وعدنا ولم تحدث مشاكل كبيرة بحجم تلك الأولى حيث أنه كانت بعض المشاجرات ولكن لا تصل لحد الطرد كما في الأول, وفي هذه المرحلة لم يرغب في إنجابي للأطفال وفي الحقيقة وأنا أيضا لم أرغب في ذلك, ثم في وقت ما طلب مني أن أوقف أقراص موانع الحمل وفعلت ذلك وبالتالي أنا حامل للمرة الثانية ولا أعرف ماذا أفعل مع رجل كهذا،الأسئلة: وفي الأخير أريد من الشيخ أن يتطلع على جميع هذه الحقائق ملخصي وملخص زوجتي ويربط بينا تلك الوقائع ويفتيني بفتوى في ضوء الكتاب والسنة ويرشدني إلى المخرج والسبيل الحق والصحيح، مع أن هذه الألفاظ السابقة الذكر في تلك الوقائع مع جهل الإنسان بحكمها تعد طلاق أو ظهار أو ماذا, وماذا يترتب عن قائلها من الكفارة وغيرها، وهل إن كان ما ذكرنا طلاقا فكم من طلقة وما هو المخرج والعمل إذن، وإن لم يكن طلاقا فما هي الإجراءات للاستمرار في علاقتنا الزوجية، وإن كان ظهارا فما هي الكفارة لذلك، شيخنا العزيز ردكم يكون برغبتكم وفضلكم إما : بالبريد الإلكتروني علىAliBen_6@hotmail.comو في الأخير أرجو الله أن ينفع بكم الأمة ويجزيكم عنا خير الجزاء في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم، مع ذكر اسم الشيخ من فضلكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية يجب أن تعلم أن رابطة الزواج من أقوى الروابط وأمتنها ولا أدل على ذلك من اعتبار المولى جل شأنه هذه العلاقة ميثاقاً غليظاً، فقال: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، ومن هنا لم يترك الشرع أمراً يقوي هذه الرابطة ويزيد من استمرارها إلا حث عليه، وفي المقابل لم يدع أي أمر يؤدي إلى إضعافها ويخل بها إلا منعه، ومن ذلك أنه أمر الزوجة بالطاعة لزوجها وحذرها من طلب الطلاق من غير مسوغ شرعي، واعتبر إيقاع الزوج للطلاق من أبغض الحلال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أبغض الحلال إلى الله الطلاق. رواه أبو داود، بل إن من أهل العلم من ذهب إلى تحريمه في غير حاجة لما فيه من الإضرار بالزوجة والعيال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.

وبخصوص سؤالك فالواضح أنه قد صدر منك تصريح بلفظ بالطلاق مرة لزوجتك بصفة قطعية، وما دام ذلك حدث فالطلاق لازم سواء دون ذلك في المحاكم أو لا، لأن العبرة بصدور اللفظ من الزوج في حال غير إكراه ولا غضب شديد لا يدرك معه ما يقول.

وأما قولك لا أريدك واذهبي إلى البيت واذهبي عني أو نحوها فهو كنايات فإن قصدت بها الطلاق وقع وهذا هو المتبادر من سؤالك، وإن لم تقصده فلا شيء عليك، قال صاحب فتح القدير الحنفي: الكنايات لا يقع بها الطلاق إلا بنية أو بدلالة الحال لأنها غير موضوعة للطلاق بل تحتمله وغيره فلا بد من التعيين أو دلالته.

وقال المرداوي الحنبلي: ولا يقع بكناية طلاق إلا بنية قبله أو مع اللفظ.

والحاصل أنه إذا كان قصدك بهذه الكنايات الطلاق فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى لا تحل لك إلا بعد زوج، لقول الله تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، وإن كنت لم ترد بهذه الألفاظ الطلاق فلا يجب عليك منها شيء وإنما يلزمك طلقة واحدة وهي التي صرحت فيها بلفظ الطلاق.

وننبهك إلى أن نفوذ الطلاق لا يتوقف على موافقة الزوجة ولا حكم المحكمة؛ بل إنه متى أوقعه الزوج وقع وتترتب عليه الآثار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني