الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النسبة في المضاربة إلى الربح لا إلى رأس المال

السؤال

الشيخ الفاضل: أرجو من سعادتكم إفادتي بما فيه الفائدة والخير والنجاة في الدنيا والآخرة… كنت أعمل بالسعودية لمدة حوالي 17 سنة كيميائي في مصلحة المياه وعدت إلى مصر في آخر عام 1998 وقد حاولت العمل مرات ومرات دون جدوى سواء في الحكومة أو القطاع الخاص وذلك في مجالي والذي لا أعرف غيره وقد رأيت الكثير من أقراني العائدين والذين حاولوا عمل العديد من المشاريع في مجالات عديدة إلا أنها باءت كلها بالفشل والخسارة الصغيرة والكبيرة خاصة بالنسبة إلى الذين لم يمارسوا التجارة من قبل ونظرا لكوني لم أعمل في حياتي في مجال آخر سوى المختبرات سواء في الخارج أو في مصر إضافة إلى أني ابتليت بانسداد في شريانين من الشرايين القلبية من أول عام 1998 وأعالج ببعض الأدوية حتى الآن وليس عندي القدرة على بذل إلا القليل من الجهد لذا بعد فترة من الزمن تقارب العامين كان قد تبقى معي مبلغ حوالي 80000 جنيه مصري لا غير إضافة إلى قطعة أرض زراعية في النوبارية عبارة عن 12 فدان يخصني منها عشرة أفدنه وهي أرض غير مزروعة وكانت هي المشروع المفروض أني سأعمل فيه ولكن نظرا لظروفي الصحية لم أتمكن من زراعتها لذا اضطررت في ذلك الوقت أن أضع المبلغ الذي أملكه في إحدى الشركات الخاصة والتي تعمل في مجال التجارة في الأدوات الطبية في مجال الأسنان علي أن أحصل على نسبة محددة ب 1,5 % كعائد شهري نظير إدخال هذا المبلغ في أعماله التجارية أي ما يعادل 1200 جنيه مصري وكانت الحياة تسير بالكاد حيث كنت أصرف حوالي 350 جنيه على علاجي وعلاج ابني الطبيعي والذي أصيب عند الولادة بضمور في بعض خلايا الجانب الأيسر من المخ أدت إلى إعاقة حركية في الجانب الأيمن ولكن الحمد لله تعالي بعد إجراء بعض العمليات الجراحية والعلاج الطبيعي فهو في تحسن مستمر… ومنذ حوالي العام وفقت في بيع الأرض الزراعية وأصبح معي منها مبلغ 70000 جنيه وضعتها في البنك ثم عرض علي صاحب الشركة التي أتعامل معها في أدوات الأسنان مناقصة بمبلغ 60000 جنيه منذ حوالي سبعة أشهر وأخبرني أن معدل الربح في هذه المناقصة 24% لي نصفها بعد 4 أربعة أشهر إضافة إلى 60000 جنيه إلا أنني حتى الآن لم أحصل منه على أي شيء بحجة أنه لم يحصّل مبلغ المناقصة نظرا للظروف الاقتصادية الحالية، لذا آمل من فضيلتكم التفضل بإفادتي أولا: هل هذا التعامل المادي بيني وبين هذه الشركة يعد ربا أم يدخل في التعاملات التجارية، ثانيا: إذا كان هذا التعامل ربويا هل يجوز أن أصرف المبلغ الذي أحصله منه شهريا حتى 5-10-2004 وهو موعد تجديد الشيك بالمبلغ الذي لديه 80000 والذي لن أستطيع أخذ المبلغ قبل هذا الموعد، مع العلم بأنه ليس لي مصدر آخر للرزق، ثالثا: إذا كان هذا العائد ربويا ماذا أفعل به حينما أحصّله منه وكيف أتصرف فيه، رابعا: إذا رفض إعطائي المبلغ الذي لديه بحجة عدم وجود سيولة وعرض علي تركه علي أن يعطيني نسبة غير محددة حسب معدل الربح نظرا لكوني تحدثت في هذا الموضوع معه سابقا، سيدي أرجو أن تتقبل اعتذاري للإطالة علي سيادتكم ولكني لم أجد سوي هذا الطريق أمامي حيث أنني متزوج وأعول ثلاثة من الأبناء ولكني لا أود أن أقابل الله عز وجل وقد سلكت طريقا يشوبه شيء من الحرام يكفيني ما أحمله من الأوزار الأخرى والتي أرجو من الله عز وجل أن يغفرها لي؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:

الأمر الأول: اتفاقك مع صاحبك على أن يدفع لك نسبة 1،5% شهريا مقابل أن تضع عنده مبلغ ثمانين ألف جنيه، وهذه المعاملة حقيقتها أنك أقرضت صاحبك المبلغ على أن يعطيك فائدة شهرية محددة وهذا هو عين الربا، والمخرج هو أن يتم الاتفاق بينكم على أنك شريك في الربح والخسارة، وهو ما يسمى بالمضاربة الشرعية، وهذا يعني أن العائد الشهري أو السنوي يختلف باختلاف السوق، وراجع التفاصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5480، 3023، 19406.

والأمر الثاني: ما أسميته بالمناقصة ودخولك كشريك في ذلك على أن الربح في هذه المناقصة هو 24% ولك نصفه، يحتمل هذا أن يكون كالعقد السابق أي أن تكون هذه النسبة مقطوعة ثابتة لا تتغير بتغير الربح والخسارة، وهذه الحالة حكمها ما سبق، ويحتمل أن تكون هذه النسبة نسبة من الأرباح تتغير بتغير حال السوق، ولا حرج عليكما حينئذ في الإقدام على ذلك، وتكون حينئذ من المضاربة المشروعة، فلك نصف الربح مقابل رأس المال، ولصاحبك نصف الربح مقابل المضاربة.

والأمر الثالث: سؤالك عن الاستمرار في العقد الربوي إلى الشهر العاشر من العام الحالي، والجواب أن ذلك لا يجوز، لأنه أكل للربا، وتحريم ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا يجوز أكل الربا إلا عند الاضطرار بحيث لو لم يأكل المرء من الربا لهلك أو قارب، وعدم وجود مصدر دخل لديك إلا هذا لا يبيح لك ذلك، لأنه بإمكانك أن تستلف ما تقتات عليه حتى تتحصل على أموالك فتقضي ما استلفت.

والأمر الرابع: سؤالك عن كيفية التخلص من هذه الفوائد الربوية، والجواب هو: أن تصرفها في وجوه الخير ومن ذلك إعطاؤها للفقراء والمساكين.

الأمر الخامس: هو ما عرضه عليك صاحبك من أنه سيعطيك نسبة غير محدودة بحسب معدل الربح.. إذا كان المقصود هو أن تكون لك نسبة معلومة من الربح لا نسبة إلى رأس المال، فلاحرج في ذلك، بل هو المطلوب لتصحيح المعاملة السابقة.

وفي الأخير نسأل الله أن يمن عليك وعلى ولدك بالعافية والشفاء، وأن يفتح علينا وعليك من الحلال وأن يجنبنا وإياك الحرام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني