الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البيع المشروط بما ينافي مقتضى العقد

السؤال

اشتريت هاتفاً محمولاً من شركة هي الوحيدة التي لها امتياز بيعه وتقديم خدماته أي أنها شركة احتكارية حيث يبلغ سعر شفرة الهاتف 700 دولار في ليبيا ومن ضمن شروط عقد الشراء ألا يؤجر هذا الهاتف، مع العلم بأن الحاجة إليه ضرورية عند بعض الأفراد الذي لا يستطيعون شراءه، فهل أستطيع أن أستفيد من إيجاره حيث إنني اشتريته بحر مالي، أرجو الإجابة مأجورين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للمتبايعين اشتراط ما ينافي مقتضى العقد من الشروط مثل اشتراط البائع على المشتري ألا يبيع أو ألا يؤجر ونحو ذلك، لما رواه الطبراني عن ابن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط. ولما رواه البيهقي: أن عبد الله بن مسعود اشترى جارية من امرأته زينب الثقفية وشرطت عليه: أنك إن بعتها فهي لي بالثمن، فاستفتى عمر رضي الله عنه فقال: لا تقربها، وفيها شرط لأحد. وروى البيهقي أيضاً أن عبد الله اشترى جارية واشترط خدمتها، فقال له عمر رضي الله عنه: لا تقربها وفيها مثنوية.

وقد اختلف أهل العلم في بطلان البيع إذا كان مصحوبا بشرط ينافي مقتضى العقد، فذهب المالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد إلى بطلان البيع، وذهب الحنفية إلى بطلان البيع إذا كان في الشرط منفعة لأحد المتعاقدين، وذهب الحنابلة إلى صحة البيع وبطلان الشرط وهو قول في مذهب الشافعية، وإليك بعض نصوص الفقهاء في ذلك.

قال النووي في المجموع: .....أن يشترط ما سوى الأربعة من الشروط التي تنافي مقتضى البيع بأن باعه شيئاً بشرط ألا يبيعه ولا ينتفع به أو لا يعتقه أو لا يقبضه أو لا يؤجره أو لا يطأها أو لا يسافر به أو لا يسلمه إليه، أو بشرط أن يبيعه غيره، أو يشتري منه أو يقرضه أو يؤجره أو خسارة عليه إن باعه بأقل أو إذا باعه لا يبيعه إلا له أو ما أشبه ذلك، فالبيع باطل في جميع هذه الصور وأشباهها لمنافاة مقتضاه، ولا فرق عندنا بأن يشرط شرطا واحداً أو شرطين، وحكى إمام الحرمين والرافعي وغيرهما قولاً غريباً حكاه أبو ثور عن الشافعي أن البيع لا يفسد بالشروط الفاسدة بحال، بل يلغو الشرط ويصح البيع لقصة بريرة رضي الله عنها وهذا ضعيف.

وقال ابن قدامة في المغني: الضرب الثاني، أن يشترط.... أن لا يبيع، ولا يهب، ولا يعتق، ولا يطأ، أو يشترط عليه أن يبيعه، أو يقفه، أو متى نفق البيع وإلا رده، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن، وإن أعتقه فالولاء له، فهذه وما أشبهها شروط فاسدة، وهل يفسد بها البيع؟ على روايتين: قال القاضي: المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح، وهو ظاهر كلام الخرقي ها هنا. وهو قول الحسن والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى وأبي ثور. والثانية: البيع فاسد وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، ولأنه شرط فاسد، فأفسد البيع، كما لو شرط فيه عقدا آخر، ولأن الشرط إذا فسد، وجب الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن، وذلك مجهول فيصير الثمن مجهولا، ولأن البائع إنما رضي بزوال ملكه عن المبيع بشرطه، والمشتري كذلك إذا كان الشرط له، فلو صح البيع بدونه لزال ملكه بغير رضاه، والبيع من شرطه التراضي.

والخلاصة أن الأولى للمرء أن يبتعد عن هذا العقد، فإن كان العقد قد تم فالأحوط هو الأخذ بمذهب الجمهور وهو بطلان العقد.

وعليه؛ فليرد المبيع للبائع وليعقدوا عقد جديدا ليس فيه هذا الشرط، فإن رفض البائع فليعرض عن هذا البيع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني