الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على كافة المسلمين أن يوحدوا كلمتهم ويجمعوا أمرهم

السؤال

ما هو الواجب على المسلم عندما يلتبس عليه الحق ولا يستطيع تمييزه من الباطل، لماذا يختلف المسلمون فيما بينهم رغم أنهم لديهم كتاب واحد ويصلون إلى قبلة واحدة، لماذا تتوالى الطعنات والإهانات والخيانات على الأمة ورغم ذلك لا زالت تغط في سبات عميق، سامحوني يا مشايخي وأساتذتي إن كنت أثقلت في أسئلتي وأسأل الله أن نرى بأعيننا راية الإسلام وهي ترفرف خفاقة عالية شامخة فوق ربوع العالمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحق والباطل لا يلتبسان، ولكن تمييز أحدهما عن الآخر يتطلب معرفة حكم الله تعالى في أي مسألة يريد المرء أن يعمل بها.

وقد قال الأخضري في كتابه: ولا يحل له (يعني المكلف) أن يفعل فعلاً حتى يعلم حكم الله فيه، أو يسأل العلماء العاملين.

فعلى المسلم أن يدرس كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويطلع على ما أتيح له أن يعرفه من أمر دينه، ثم إذا أشكل عليه بعد ذلك تمييز الحق من الباطل، فليسأل أهل العلم.

وتفرق المسلمين واختلافهم رغم اجتماعهم على كتاب واحد وقبلة واحدة هو أمر قدري محتوم، اقتضته الحكمة الإلهية، قال سبحانه وتعالى: وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ [هود: 118-119].

وواجب المسلم في حال الاختلاف أن يلتزم بمنهج السنة والسلف الصالح فلا يحيد عنه، بل يدعو إليه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، والاختلاف منه ما هو محمود وما هو مذموم، وراجع فيه الفتوى رقم: 8675.

وصمت الأمة وسباتها على رغم توالي الضربات عليها هو أيضاً مما قدره الله لها، وقد أخبر به الصادق المصدوق في حديث رواه الإمام أحمد وأبو داوود عن ثوبان مرفوعاً، قال: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء وكغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت.

وليس معنى الحديث أن على سائر أفراد الأمة أن يخضعوا ويستكينوا للضربات ولا يبدوا أي اعتراض على شيء، بل الواجب على كافة المسلمين أن يوحدوا كلمتهم ويجمعوا أمرهم، ويتطلعوا إلى أسباب التقدم والنهوض، ويتمسكوا بدينهم، ويرغبوا فيما هو باق أكثر من رغبتهم فيما هو زائل، فإنهم إن فعلوا ذلك عاد لهم ما كان لهم من مجد وعزت دولتهم كما كانت عزيزة قروناً طويلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني