الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلب الزوجة الطلاق لحضانة ولدها ووضع حجابها

السؤال

السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من حضانة ابنتها من زوج آخر؟ وهل يجوز للزوجة أن تطلب التفريق بناءً على إصرار الزوج الطلب من زوجته:
1- التخلي عن حضانة الابنة.
2- التعرض لها بعدم ضرورة وضع الحجاب، أو التخلي عنه بحضور أخي الزوج.
ملاحظة: يرجى أن يكون الجواب على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، مع الرجاء الشديد بسرعة الإجابة. وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اتفق الفقهاء على أن الأم هي أحق الناس بحضانة مولودها -ذكرا كان أو أنثى- ما لم تتزوج، قال خليل بن إسحاق المالكي: وحضانة الذكر للبلوغ والأنثى كالنفقة للأم. ثم قيد هذا الحق بقوله: وللأنثى خلوها عن زوج دخل بها. قال شارحه الخرشي: أي ومن شروط الحاضنة إذا كانت أنثى أن تكون خالية عن زوج دخل بها، وإنما سقط حقها حيث دخل بها الزوج لاشتغالها بالزوج عن الطفل.انتهى. وقيد العدوي هذا بما إذا لم يحصل ضرر للمحضون بالتفرقة حيث قال:(قوله وللأنثى الخلو) محل كلام المصنف إن لم يكن في نزعه ضرر عليه؛ وإلا لم تسقط.انتهى.

وحيث تقرر عدم وجود ضرر على الطفل فإن الحضانة ساقطة عنها إلا إذا تنازل عنها الأب.

ولا يجب على زوج الحاضنة قبول إقامة طفلها معه في بيته، فهو صاحب التصرف في ملكه. وعلى هذا؛ فلا يجوز للزوجة الحاضنة المطالبة بالطلاق لأجل ذلك لأنه سبب غير معتبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وغيره.

أما إن كان الطفل محتاجا إلى حضانتها له حاجة ضرورية فلا حرج عليها بطلب الطلاق من زوجها إذا أصر الزوج على منعها من حضانتها للطفل وهي تحت عصمته، لما في التخلي عن حضانة الطفل من الإضرار به، والقاعدة: أنه لا ضرر ولا ضرار. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 20575.

أما إذا أذن لها زوجها في حضانة الطفل خارج بيته لم يجز لها طلب الطلاق إذا أمكن حضانة الطفل في هذه الحالة خارج بيت الزوج.

وأما طلبها للطلاق بسبب تعرضه لها في موضوع الحجاب، فإذا كان المقصود بنزع الحجاب نزع ما سوى الوجه والكفين فهذا لا يجوز إجماعا، وأما الوجه والكفان فلأهل العلم فيهما خلاف، والراجح فيهما الحرمة وخاصة عند فساد الزمان. وانظر الفتوى رقم: 5224.

ويؤيد هذا ما حكاه الإمام القرطبي المالكي في تفسيره، حيث قال: قال ابن خويز منداد من علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزاً أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها.انتهى.

وبهذا؛ يتبين أنه لا يجوز لهذا الرجل أن يأمر زوجته بكشف وجهها أمام إخوته أو غيرهم من سائر الأجانب عنها، كما لا يجوز لهذه المرأة أن تطيعه في ذلك إذا أمرها، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإذا أصر الزوج على أن يطلب من زوجته أمرا لا يجوز وخافت أن يضطرها إلى ذلك فلها أن تطلب الطلاق منه وتسعى للحصول عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني