السؤال
أعمل على إنشاء تطبيق إلكتروني لتنظيم المواعيد لدى الحلاقين، بحيث يتمكن الزبون من حجز موعد مسبق، دون الحاجة إلى الانتظار الطويل.
لا يتضمن التطبيق أي مخالفات شرعية، كعرض صور غير لائقة، أو تشغيل موسيقى، أو أي شيء محرَّم. يقتصر دوري فيه على تنظيم الوقت، وترتيب المواعيد بين الزبائن والحلاقين، ولا أتحمّل أي مسؤولية عن نوعية الخدمات التي يقدمها الحلاق، كحلق اللحية، أو غيرها؛ فدوري تقني فقط، يقتصر على تنسيق المواعيد. فهل يجوز شرعًا إنشاء مثل هذا التطبيق؟ وهل أتحمّل إثمًا إن استخدمه بعض الحلاقين في تقديم خدمات غير مشروعة؟
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخدمات التي تقدمها محلات الحلاقة خدمات مختلطة، ففيها المباح، كحلق شعر الرأس، وفيها المنهي عنه، كالنمص والقزع وحلق اللحية.
وإنشاء تطبيق إلكتروني لتنظيم مواعيد مثل هذه المحلات، الأصل فيه الجواز. واحتمال طلب خدمة محرمة لا يمنع إنشاء التطبيق المذكور، مالم يعلم المرء بغلبة طلب الخدمات المحظورة على الخدمات المباحة، فحينئذ يتحول الحكم عن أصل الجواز إلى المنع؛ لأن العبرة بالغالب.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا ثبت هذا، فإنما يحرم البيع ويبطل، إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك. فأما إن كان الأمر محتملا، مثل أن يشتريها من لا يعلم، أو من يعمل الخل والخمر معًا، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر، فالبيع جائز. اهـ.
وقال الشوكاني -رحمه الله-: الظاهرُ من الأدلة تحريمُ بيع كلّ شيء انحصرتْ منفعتهُ في محرم، لا يُقصد به إلا ذلك المحرّم، أو لم ينحصِرْ، ولكنه كان الغالب الانتفاع به في محرم، أو لم يكن الغالب ذلك، ولكنه وقع البيعُ لقصد الانتفاع به في أمر محرم. فما كان على أحد هذه الثلاث الصور، كان بيعه محرمًا، وما كان خارجًا عنها، كان بيعه حلالًا. انتهى من الفتح الرباني.
والله أعلم.