الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صامت وأسقطت رغم تحذير الأطباء.. الحكم.. والواجب

السؤال

زوجتي صامت، رغم تحذير الأطباء لها من الصيام، لأن ذلك قد يؤدي إلى الإضرار بالجنين أو سقوطه.
وقد حدث بالفعل وسقط الجنين. فهل عليها كفارة أو دية (أرش)؟ وإن كانت لا تجب عليها كفارة، فهل هذا محل اتفاق بين العلماء؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمرأة المذكورة إن كانت قد صامت مع تحذير الأطباء من الصيام، وكان صومها سببًا لسقوط جنينها، فإنها تعتبر آثمة، ومتسببة في تلك الجناية، وبالتالي؛ فعليها ما يسمى" غرة" (عشر دية الأم).

قال ابن قدامة في المغني: وإذا شربت الحامل دواء، فألقت به جنينًا، فعليها غرة، لا ترث منها شيئًا، وتعتق رقبة، ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة، وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها، فلزمها ضمانه بالغرة، كما لو جنى عليه غيرها، ولا ترث من الغرة شيئًا؛ لأن القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته. اهـ.

ومحل لزوم الغرة أن يكون الجنين قد مضت عليه أربعون يومًا، كما تقدم في الفتوى: 130939.

وعن توضيح معنى الغرة التي تلزم في إسقاط الجنين، راجع الفتوى: 96743.

كما أن المرأة المذكورة تلزمها أيضًا عند طائفة من أهل العلم كفارة القتل، وهي عتق رقبة، ولتعذر العتق، فعليها صوم شهرين.

جاء في الموسوعة الفقهية: ويختلف الفقهاء في وجوب الكفارة -وهي العقوبة المقدّرة حقًا لله تعالى- مع الغرة.
(والكفارة هنا هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين)، فالحنفية، والمالكية، يرون أنها مندوبة وليست واجبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض إلا بالغرة.
ويرى الشافعية، والحنابلة، وجوب الكفارة مع الغرة؛ لأنها إنما تجب حقًا لله تعالى، لا لحق الآدمي؛ ولأنه نفس مضمونة بالدية، فوجبت فيه الكفارة. وترك ذكر الكفارة لا يمنع وجوبها. فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في موضع آخر الدية، ولم يذكر الكفارة
. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني