الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم وجود دليل لكل مكروه ومسنون؟

السؤال

فضيلة شيخنا حفظك الله لدي سؤالان أريد أن تتكرموا بالإجابة عليهما مشكورين:
السؤال الاول: بماذا تثبت به السنية وكذا الكراهة، هل يلزم أن يكون لكل مسنون أو مكروه دليل خاص أم، أحيانا أرى أن أهل العلم يقولون هذا مسنون أو هذا مكروه بينما لم يرد في ذلك أي نص خاص؟
السؤال الثاني: القياس في العبادات لاحظت أن بعض العلماء يثبتون أشياء كثيرة في أبواب الطهارة والصلاة والصوم يثبتونها بالقياس بينما آخرون يتمسكون بما ورد به الدليل فما هو القول الفاصل وإن ذكرتم بعض المصادر فهو المفضل حيت إني طويلب يريد أن يتعمق قدر الإمكان، الرجاء حصول الإجابة على البريد المذكور أعلاه وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسنة هي عبارة عن مطلق الطريق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له أجر من عمل بها. الحديث رواه مسلم وغيره.

فيقال سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء والصالحين أي طريقتهم.

وحد السنة في الاصطلاح هو: ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتركه إلا لعذر. انظر ميزان الأصول للسمرقندي ص 34.

وأما المكروه فقد حده الفقهاء بأنه: ما يكون تركه أولى من تحصيله. أو: ما الأولى أن لا يفعل.

وبهذين التعريفين يتبين أن المكروه ليس هو المقابل للسنة، وإنما يقابل المكروه المندوب، ومن أهل الأصول من يجعل السنة والمندوب والمستحب والتطوع شيئاً واحداً. قال السيوطي في نظمه لجمع الجوامع:

والندب والسنة والتطوع * والمستحب بعضنا قد نوعوا

ومن أهل العلم من فرق بين هذه المصطلحات، قال الشيخ زكريا الأنصاري: والنفل والسنة والتطوع والمندوب والمستحب والمرغب فيه والحسن بمعنى. وقال القاضي وغيره: غير الفرض ثلاثة: سنة وهو ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم ومستحب وهو ما فعله أحياناً أو أمر به ولم يفعله، وتطوع، وهو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه، بل ينشئه الإنسان باخيتاره من الأوراد.

فلعلك إذا تسأل عما إذا كان يتحتم وجود دليل من الكتاب أو السنة على كل أمر مندوب أو مكروه. والجواب عن هذا: أنه لا يتحتم، بل لا يصح لأن النصوص محصورة والحوادث غير متناهية، فلابد من إلحاق أحكام الأصول بالفروع التي وجدت فيها العلة التي هي سبب الحكم، وهذا هو عين القياس، فقد عرف القياس بأنه: تعدية حكم الأصل بعلته إلى فرع هو نظيره. وقيل: هو إبانة مثل حكم أحد المذكورين بمثل علته في الآخر، والقياس معتبر ومأخوذ به عند جماهير أهل العلم، ولم يخالف في الأخذ به إلا الظاهرية والمعتزلة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 167320.

ولك أن ترجع في هذا إلى كتب الأصول وهي كثيرة جداً، منها:

- البرهان في أصول الفقه لإمام الحرمين.

- الموافقات للإمام الشاطبي.

- المستصفي للإمام الغزالي.

- ميزان الأصول للسمرقندي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني