الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يدخل المنزل الموهوب لأحد الأبناء في الميراث؟

السؤال

نص السؤال: هناك أمر نأمل منكم التوضيح فيه وهو منزل قد صرح به الوالد لأحد الأبناء من أجل زواج هذا الابن، بأنه يستطيع بيع المنزل وأن يشتري بالمبلغ بدلاً منه شقة، حيث كان هذا المنزل مسجلا باسم هذا الابن، هل يدخل هذا المنزل في الإرث وإذا كان من ضمن الإرث فما هو نصيب كل من الورثة وقد قدر هذا المنزل بمبلغ (22.500) اثنين وعشرين ألفا وخمسمائة دنيار ليبي هذا حسب تقدير سعر البيع حالياً، الأم وثلاثة ذكور وثمانية بنات، نرجو توضيح أسهم كل منهم، وتقدير القيمة المالية لكل فرد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الوالد قد أعطى لبقية أولاده عطاء مثل ما أعطى للولد المذكور الدار أو كان قد خصه بها دونهم لحاجة تقتضي ذلك كالعجز عن التكسب أو الانشغال بطلب العلم أو كثرة العيال.....

فهذا العطاء صحيح إن تم في حال كمال أهلية الوالد للتصرف وتم حوز الولد للدار حوزاً شرعياً قبل وفاة أبيه، أما إذا لم يكن أعطى شيئاً لبقية أولاده ولم يكن هناك مسوغ لأن يخص هذا الابن بعطاء دون بقية إخوانه وأخواته... فإن تخصيص بعضهم بالعطاء دون بعض لا يصح على الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة.

وذلك لما في الصحيحين وغيرهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما: أن أباه خصه بعطية دون إخوانه فأرادت أمه أن يشهد على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم، قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة. هذا لفظ مسلم.

وعلى تقدير أن الدار تركة وثمنها معروف والورثة محصورون فيمن ذكر فإن ثمنها يقسم عليهم حسب الآتي: لأمهم التي هي زوجة المتوفى -على ما يبدو- الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم [النساء:12]، وما بقي يقسم بين الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].

أما على احتمال أن تكون الأم المذكورة أما للميت وليست زوجة له -فإن نصيبها من تركة ابنها مع أبنائه هو السدس فرضاً لقول الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11]، والباقي يوزع على الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 23103، والفتوى رقم: 6242.

ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني